منذ الإعلان عن تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) على مستوى العالم في شهر يناير الماضي، ومع تنامي الآثار السلبية لانتشاره على المستويات الصحية والاقتصادية والاجتماعية على معظم دول العالم، تحاول الحكومات بشتى الطرق تطبيق أفضل خطط إدارة تلك الأزمة للتخفيف قدر الإمكان من تداعيات انتشار الجائحة، وخاصة في ظل الافتقار لأهم المعلومات الخاصة بطبيعة الفيروس وطرق انتشاره، وضعف الوعي المجتمعي في مجال الوقاية منه، مما أدى إلى التأخر حتى الآن في إنتاج لقاح لعلاج الفيروس. وتأتي حكومة دولة الإمارات العربية في مقدمة حكومات العالم التي قامت بتطبيق أفضل الخطط الوطنية لمواجهة جائحة كوفيد- 19، وذلك نتيجة الخبرات المتراكمة والدروس المستفادة منذ عام 2009، والذي شهد تفشي وباء ‏H1N1 ‬إنفلونزا ‬الخنازير، ‬ثم ‬فيروس ‬كورونا ‬في ‬عام ‬2014. 
ولقد نجحت دولة الإمارات العربية المتحدة، ممثلة بالهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث ووزارة الصحة ووقاية المجتمع وبقية الجهات المعنية في الدولة، في تطبيق أفضل مناهج تحليل وإدارة المخاطر، ثم وضع الخطط الوطنية لمكافحة الأوبئة المعدية والتدريب والتمرين عليها، على المستويات الحكومية الاتحادية والمحلية، مما ساهم في رفع درجات الاستعداد لدى تلك الجهات لمواجهة مختلف أنواع الأوبئة ومنها فيروس كورونا. وبالتالي، فإن نجاح وتميز حكومة الإمارات في مكافحة الجائحة الحالية لم يكن وليد الصدفة، أو بجهود وسياسات عشوائية، بل كان نتيجة طبيعية ومتوقعة للجهود الوطنية الضخمة المبذولة منذ عام 2007، والتي رصدت لها القيادة ميزانيات بمليارات الدراهم، من أجل توفير أقصى درجات الاستعداد، وبالتالي الفعالية في الاستجابة، بهدف التقليل قدر الإمكان من زمن التعافي من الآثار السلبية الخطيرة للأزمة في المجتمع. ولقد ثبت نجاح الخطة الوطنية لمكافحة الأوبئة المعدية التي انطلقت في شهر يناير الماضي لمواجهة فيروس كورونا المستجد - كوفيد 19، من خلال توقف خطر الفيروس عند مرحلة الأزمة في الوقت، الذي بلغ فيه مرحلة الكارثة في العديد من دول العالم، وبلغ عدد الإصابات ما يزيد على 28 مليون إصابة وما يناهز المليون حالة وفاة حتى الآن. 
ولكن الملاحظ في الآونة الأخيرة تنامي أعداد الإصابات اليومية بفيروس كورونا المستجد في الدولة، الأمر الذي يعكس انتشار حالة من الاستهتار بين بعض أفراد المجتمع، مما يقوض الجهود الحكومية في مكافحة الجائحة، وخاصة في ظل قرارات الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية، باستئناف الأعمال الاقتصادية والحكومية والتجارية والتي توقفت في بداية تفشي الفيروس. ومن الممكن تتبع حالات التهاون لدى بعض شعوب العالم، والتي كانت نسبة الإصابات بالفيروس فيها قبل ستة شهور من أدنى الأرقام، ثم فوجئنا قبل شهرين بتواجد تلك الدول ضمن أكثر عشر دول على مستوى الإصابات والوفيات، بعد أن كانت في ذيل القائمة. والسبب الرئيسي لذلك، كان شيوع الاستهتار والتهاون من بعض أفراد تلك الدول في التقيد بالإجراءات الاحترازية، الأمر الذي رفع عدد الإصابات فيها من عدة مئات إلى بضعة ملايين. 
وبالتالي، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا لا يستجيب البعض لحملات نشر الوعي المستمرة في الدولة بالعديد من اللغات منذ بداية الأزمة، وبالتالي التقيد بالإجراءات الاحترازية؟ فالمعلوم أن حجر الأساس في نجاح جهود الحكومة في مكافحة انتشار جائحة كورونا المستجد، هو مدى التعاون الذي يبديه أفراد المجتمع في الالتزام بتعليمات الوقاية من الفيروس، وهذا الأمر الذي نحض الجميع على اتباعه، حتى نتجنب التداعيات السلبية الاقتصادية والصحية والاجتماعية التي تشهدها بعض الدول حالياً.
*باحث إماراتي