بعد ثلاثة أعوام حظيت فيها بامتياز وشرف العمل كسفير فرنسا لدى الإمارات العربية المتحدة، آنَ أوان الرحيل. ثلاثة أعوام من العمل الدؤوب والمكثف، ويصعب في الواقع اختصارها في بضعة أسطر!
لا تزال أجمل ذكرياتي هي افتتاح متحف «اللوفر أبوظبي» في شهر نوفمبر 2017، بحضور إيمانويل ماكرون، رئيس الجمهورية الفرنسية، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة ورئيس الوزراء وحاكم دبي، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.
هذه التحفة المعمارية هي، من وجهة نظري، أكثر من مجرد متحف: إنها أيقونة الحوار بين الثقافات والحضارات. لقد أتيحت لي الفرصة أن أسير تحت قبة المتحف العديد من المرات، يتجدد في كل مرة منها إعجابي بالرسالة العالمية الجريئة التي يرسلها إلى العالم بأسره.
أعوام شهدت تعزيزاً مهماً للعلاقات الثنائية، وإنجازات كبيرة بين فرنسا والإمارات العربية المتحدة، في كل المجالات، نذكر منها الاقتصاد والثقافة والأمن والتعليم، وتعزيز مكانة اللغتين الفرنسية والعربية، نتيجة إصرار بلدينا على تعزيز شراكتهما. تطول القائمة، ولكنني أود أن أشيد بمحطات ميزت، بصفة خاصة، نجاح التعاون بيننا، لا سيما إنشاء جامعة السوربون أبوظبي، مثال التميز الأكاديمي والذكرى العاشرة لاتفاق الدفاع، دون أن ننسى الشراكات في مجالات النفط والغاز، والطاقة النووية والمتجددة، والنقل، والفضاء، والذكاء الاصطناعي. 

اليوم، يمكنني القول بالتأكيد إن هذه العلاقة الاستثنائية هي مثال يحتذى به في مجال التعاون العالمي، بفضل رؤية طموحة مشتركة. علاقة ستستمر وستثمر، بفضل خريطة طريق للعقد الجديد من الشراكة الاستراتيجية التي صادق عليها بلدانا في شهر يونيو الماضي. وأنا فخور بأنني ساهمت مع فريق عمل سفارة فرنسا المتميز في هذا الإنجار.

تجمع فرنسا والإمارات صداقة وشراكة، ولكن أيضاً وأساساً قِيم مشتركة، مثل التسامح وأهميَة الحوار بين الثقَافات، وكذلك التضامن، ففي هذه الأوقات الصعبة من الجائحة التي كشفت نقاط ضعف عديدة، أبدت فرنسا والإمارات العربية المتحدة إرادة مشتركة لمواجهة التحديات الجديدة التي أثارها فيروس كورونا، من خلال استكشاف فرص جديدة للتعاون في مجال الصحة. وبالنظر لأن صفحة مستقبل ما بعد الوباء لا تزال قيد التحرير، فإن التعاون والابتكار مطلوبان أكثر من أي وقت مضى. وأنا على قناعة تامة بأن معرض إكسبو دبي، المقرر في أكتوبر 2021، سيكون المنصة المركزية والملهمة لسبل استجابة عالمية في مواجهة هذه الظروف الصعبة. وتأكدوا أن فرنسا، إلى جانب الإمارات العربية المتحدة، ستظل ملتزمة بإيجاد حلول للقضايا العالمية مثل تغير المناخ، والفقر، وتمكين المرأة، والأمن الإقليمي، ومكافحة الإرهاب والتطرف.

اليوم، آنَ أوان توديع هذا البلد الذي سأفتقده كثيراً، وبهذه المناسبة، أود أن أشكر، مِن أعماق القَلب، قادة الدولة وحكام إماراتها والسلطات الإماراتية، وكذلك أصدقائي الإماراتيين، وكل شَعْب دولة الإمارات.
سأذكرُ دائماً لُطفكم وحسْن ضيافتكم.
ولا يفوتني أن أشيد بالحيوية التي شهدتها في هذا البلد، ودعمه الدائم والثابت للشباب في مسار بناء مستقبل الأمة: رهان لا يسع فرنسا إلا أن تشاركه لكتابة الصفَحاتْ التالية من شراكتنا اَلواعدة. فاليوم، تجاوزت حدودنا الأرض والسماء. اليوم، حدودنا الفضاء!
لنْ أقول لكم: وَدَاعاً، بل إلى لقاء قريب...

*سفير فرنسا لدى دولة الإمارات العربية المتحدة