تسعى الإمارات، في لحظتها الراهنة، لاستثمار قواها الناعمة في بناء منظومة السلم والاستقرار في المنطقة، التي تعاني منذ عقود من الصراع العدمي.
الإمارات بذلك تستفيد من مجموعة أدوات معنوية متاحة لديها منذ زمن، وحان الوقت لتفعيلها، كجزء من رؤيتها للمستقبل. فالسلام الذي تمد له يدها جزء من تلك الرؤية الشاملة، مع وجود العوامل المساعدة على ذلك، ومن أبرزها التسامح، التعايش، الانفتاح، ونبذ الكراهية والعنصرية والتمييز بين البشر على أساس من الدين والعرق واللون.
فالإمارات بمبادراتها السلمية ورفضها للحروب والنزاعات، تعزز مكانتها القيادية في العالم العربي، ودورها في عالم السياسة، وسوف تسهم هذه الدبلوماسية المحنكة والواقعية في تغيير المنطقة نحو الأفضل بمقاييس المستقبل. 
فالقيم الإنسانية التي تتبناها الإمارات وفقاً لوثيقة «الأخوة الإنسانية»، أكبر دافع لمد روابط التعاون، وإرساء مبادئ العلاقات مع جميع الشعوب والمجتمعات، بغض النظر عن المواقف المؤدلجة للبعض.
ما تمارسه الإمارات هو جزء من رؤيتها الإستراتيجية، التي تبرز من خلالها النموذج الذي ارتأت أن تخطه لنفسها، للمضي قدماً لتحقيق سبل الأمن والسلام الضروريين للعالم أجمع، وهو هدف سام بحد ذاته، يرفع من شأن الدول التي تسعى له في بناء علاقات متسامحة بين كافة دول العالم، تماشياً مع القوانين والأعراف الدولية التي تساند كل حركة إيجابية نحو الاستقرار.
وما تقوم به الإمارات من تقارب خطوات وخطوط السلام والاستقرار جزء راسخ من مبدأ التعايش بين البشر، وهو مسار جديد يبني توجهاً سليماً في منطقة تآكلت كثيراً بسبب الحروب الأهلية، والصراعات البينية المزهقة للمكتسبات الوطنية للدول الغارقة في أتون تلك النزاعات، التي تقتل آمال الشعوب في مستقبل أكثر إشراقا وعطاءً. فرسالة الإمارات هي سلام لا تتخلله الحروب العبثية الملفوفة بالمطامع الشخصية والأهواء الأنانية.
الإمارات ماضية في خلق توازنات جديدة، وهي واعية تماماً لاستحقاقات المرحلة، ومدركة لقدر الجرأة المطلوبة للمضي في هذا النهج.
المقاربات التي تتخذها لا تغفل الواقع الدامي في قضايا الأمة العربية، التي بحاجة ماسة لكسر الجمود وإزالة أطنان من الكلس الذي تراكم حولها منذ عقود طويلة، آن الوقت لمن يباد. وليس للتقهقر مكان في هذا الطريق الاستراتيجي. فالمجتمع الدولي ينظر إلى هذه الخطوات الجريئة بعين الإكبار، لأنها ستساهم في تسييل الكثير من أزمات المنطقة، التي تبحث لها عن طوق نجاة ناعم، بدل عقود من سلسلة الأطواق الغليظة التي لفت أعناقها بلا جدوى. 
من المهم أن ندرك بأن صناع القرارات السيادية في الدولة يدركون تمام الإدراك بأن العالم منذ أن انتهى من حربين مدمرتين وكذلك حرب باردة أخرى، لا يريد أن يدخل حرباً عالمية ثالثة بسبب قضية الشرق الأوسط العالقة وسط الكثير من التجاذبات بين الأطراف المعنية.
وهذا الوضع عقّد العلاقات الدولية، وزاد من درجة التناقضات في اتخاذ القرارات المصيرية، ولا يمكن للحروب حل تلك المعضلات، فكان ولا بد من مد خط التفاهمات، عبر القوى الناعمة للدول التي تتعامل مع العالم من حولها بروح من الإنسانية السامية، وتأتي الإمارات في صدارة هذه الدول، وتسعى دائما أن تكون سباقة في هذا الميدان.
وخلاصة ما سبق، نجده في ما غرد به معالي الدكتور أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية، عندما ذكر بأن «التطورات المتسارعة في المنطقة مؤشر واضح نحو ضرورة مراجعة استراتيجيات لم تؤت ثمارها ونبذ سياسة المحاور، وعلى الرغم من أنه لا يمكن أن نعود إلى الوراء، إلا أن البدايات الجديدة تحمل في طياتها فرصاً حقيقية، بعيداً عن الضجيج، أمامنا ظروف قد تمهد لحلول سياسية تعزز الأمن والاستقرار والازدهار». 
*كاتب إماراتي