يذكرنا تبادل الانتقادات بين «المحافظين» البريطانيين و«الديمقراطيين» الأميركيين عبر الأطلسي بمدى أهمية السباق الرئاسي الأميركي الحالي لحزب «المحافظين» بزعامة بوريس جونسون. لقد كان دونالد ترامب مؤثرا في وسائل وشكل الحزب البريطاني المحافظ بقدر تأثيره على الحزب «الجمهوري». وراق هذا كثيرون من «المحافظين» إلى حد كبير. والمحتمل أن جو بايدن، إذا فاز بانتخابات نوفمبر، سيكون أقل اهتماما ببريطانيا وأكثر برودا تجاه بوريس جونسون. ومن الواضح إلى حد كبير بالفعل أنه أقل شغفا بكثير ب «بريكسيت». 
وإذا كنا نمضي في سبيل إدارة يتزعمها بايدن، فإن «المحافظين» لم يبدأوا بالخطوة الصحيحة تماما بعد. ومن المؤكد أن جونسون لفت انتباه بايدن بتقديمه مشروع قانون يتجاهل أجزاء من اتفاق ايرلندا الشمالية، وخاصة الجزء الوارد في اتفاق انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الذي أُريد به الحفاظ على انجازات اتفاق بلفاست لعام 1998 الذي أحل السلام في ايرلندا الشمالية. وكتب بايدن في تغريدة على تويتر يوم الأربعاء قائلا «أي اتفاق تجارة بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة يجب أن يكون مشروطا باحترام اتفاق (الجمعة العظيمة-بلفاست) ومنع العودة إلى الحدود الصلبة. الأمر منتهي». ونشرت «الديمقراطية» نانسي بيلوسي، رئيس مجلس النواب الأميركي، رسالة مشابهة. 
وجاء الرد من بعض «المحافظين» سريعا. فقد رد «إيان دونكان سميث»، أحد أشد المدافعين عن «بريكسيت» والزعيم السابق لحزب «المحافظين» بأن على بايدن الانشغال أكثر بشأن «الحاجة إلى اتفاق سلام في الولايات المتحدة الأميركية لوقف القتل والشغب قبل أن ينصح الدول الأخرى ذات السيادة». ورد آخرون بمثل هذا المحتوى، من بينهم «ديفيد ديفيس»، الوزير السابق المختص بشؤون بريكسيت. 
والرئيس الأميركي الحالي قليل الشعبية في المملكة المتحدة. لكن من السهل معرفة سبب احتمال أن يفتقد «المحافظون» ترامب. فالرئيس الأميركي الحالي خاض عمليا حملة لصالح بوريس جونسون بينما كانت «تريزا ماي» تتمسك بعملها كرئيسة للوزراء. وترامب وعد أن يضع بريطانيا في «أول الطابور» للتوصل إلى اتفاق تجارة بعد أن حذر باراك أوباما من أن «بريكسيت» سيعيد بريطانيا إلى نهاية الطابور. وحديث ترامب الصارم عن الجريمة يناسب تماما الصورة الذاتية للمحافظين باعتبارهم حزب القانون والنظام. وكراهيته للمهاجرين تتوافق مع التيارات التي دفعت نحو «بريكسيت». 
والمشاعر المؤيدة بشدة للأيرلنديين في الكونجرس ووسط الأميركيين من أصل أيرلندي تثير حفيظة «المحافظين» الذين دأبوا على تجاهل أيرلندا. وإذا فاز بايدن، سيدفن الجانبان سريعا ما بينهم من أحقاد في يوم تنصيب الرئيس الأميركي الجديد، من أجل مواصلة التضافر السياسي على الأقل. 

وفيما يتعلق بالفيروس، قد تجد حكومة «جونسون» نفسها أكثر ميلا للوقوف في صف إدارة يتزعمها بايدن. فبعد الأخطاء التي جعلت بريطانيا واحدة من أسوأ دول العالم في التصدي للجائحة، سارع «جونسون» بفرض عمليات حجر صحي جديدة وإجراءات إغلاق على الرغم من معارضة حتى بعض أجنحة المحافظين. وعلى خلاف ترامب الذي لا يتجاوز اهتمامه بالفيروس إلقاء اللوم على خصومه، تؤيد خطة بايدن ذاك النوع نفسه من سياسة تكثيف الاختبارات والتعقب التي يكافح جونسون لتطبيقها. 

وفيما يتعلق بتغير المناخ، يبتعد التزام المملكة المتحدة بالوصول بالانبعاثات إلى «صفر» كثيراً عن موقف ترامب. وهذا يجعل بريطانيا ترحب بعودة الولايات المتحدة إلى نطاق اتفاق الآراء الدولي. أما القضايا الجيوسياسية فمن التبسيط المخل أن نعتقد أن إدارة بايدن ستعود إلى سياسات حقبة أوباما تجاه إيران والصين وغيرها من القضايا. فقد تغير العالم على عدة أنحاء. وسيكون هناك على الأرجح مناقشات أعمق، في طائفة من القضايا، في الاستراتيجية والتنسيق بين بريطانيا والولايات المتحدة. 

*محللة سياسية متخصصة في الشؤون الأوروبية 
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»