تحتفل المملكة العربية السعودية، بعد غد، يوم الثالث والعشرين من سبتمبر، باليوم الوطني التسعين في مسيرة المملكة الممتدة منذ عهد الملك المؤسس عبد العزيز، رحمه الله. وتأتي احتفالات المملكة هذا العام في ظروف استثنائية تمر بها السعودية، في ظل جائحة فيروس كورونا، الذي شكّل تحدياً لكافة دول العالم؛ إذ تجاوزت آثار الجائحة الجوانب الصحية لتشكل تهديداً لاقتصاديات العالم وأسواقه الدولية، وأثرت سلباً على جميع برامج النمو والتنمية بدول العالم.
وفي هذا الإطار بادرت السعودية، كدولة محورية ورئيسية في المنظومة الدولية، بأخذ زمام المبادرة على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي لمواجهة هذه الجائحة. وشكلت الجهود والمبادرات التي قامت بها السعودية، في إطار مكافحتها لتفشي جائحة فيروس كورنا بجميع مناطق السعودية، إحدى التجارب الدولية الرائدة في مواجهة تفشي الأمراض والأوبئة المعدية، من خلال استراتيجية وطنية، مبنية على الخبرات والتوجيهات العلمية. وحققت للسعودية نتائج إيجابية من حيث المؤشرات المتعلقة بحالات الإصابة بالفيروس وحالات الشفاء، وعدد الوفيات، معلنة العودة للحياة الطبيعية، وفق خطة مرحلية جعلتها في مقدمة الدول التي تجاوزت هذه الجائحة.
من الضرورة بمكان إلقاء الضوء، في هذه المناسبة، على الجهود الوطنية التي بذلت، والتجربة السعودية الرائدة في مكافحة تفشي الوباء، إذ استهلت المملكة إجراءاتها المعنية بمكافحة تفشي فيروس كورنا بمبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، بتشكيل «اللجنة العليا لإدارة أزمة فيروس كورونا المستجد»، برئاسة ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، لتولى مسؤولية تنسيق الجهود الوطنية والإقليمية والدولية المعنية بمكافحة هذه الجائحة. ولتتولى عملية اتخاذ جميع الإجراءات الاحترازية والوقائية اللازمة، ووضع وتنفيذ الاستراتيجية الوطنية المعنية للاستجابة للجائحة العالمية. على الصعيد الوطني، اتخذت المملكة العديد من الإجراءات والمبادرات والقرارات التي استهدفت دعم مختلف القطاعات الحيوية بالمملكة، وتقديم الدعم والمساندة التي تحقق لهذه القطاعات التغلب على آثار هذه الجائحة، وهي المبادرات التي أبرزت حرص القيادة السعودية على سلامة المواطنين والمقيمين بالمملكة كأولوية، ومن ثم دعم أنشطتها الاقتصادية والصناعية والتجارية والاستثمارية، بما يضمن إمكانية التغلب على الآثار السلبية لهذه الجائحة وتجاوزها، والاستمرار في تحقيق معدلات إيجابية لمختلف برامج ومجالات التنمية الشاملة والمستدامة.
وعلى الصعيد الدولي، وضمن جهود المملكة في تعزيز الجهود المتعلقة بمكافحة هذه الجائحة وإدراكاً منها بأهمية التعاون والتضامن والعمل الجماعي والدولي لتعزيز الاستجابة العالمية، ساهمت في دفع دول مجموعة العشرين التي ترأستها إلى تعزيز خطة الاستجابة الدولية للجائحة بالعالم، كما تصدرت دول العالم في تقديم المساعدة المادية والعينية للمنظمات الدولية، وللعديد من الدول التي واجهت هذه الجائحة، لاسيما الأكثر ضعفاً في قدراتها على تحمل هذه الجائحة. ومن الإسهامات الرائدة في دعم الهيئات والمنظمات الدولية المعنية بمكافحة هذه الجائحة دعم المملكة العربية السعودية، السبت الماضي، لخطة الاستجابة الأممية لمكافحة جائحة كورونا بمبلغ 100 مليون دولار لمنظمة الصحة العالمية، وعدد من المشاريع التي تدعمها منظمات الأمم المتحدة المختلفة ووكالاتها لتعزيز الجهود المشتركة.
وعوداً على بدء، تأتي الذكرى التسعون مختلفة، لكنها باختلافها ترسخ مسيرة هذا الصرح الشامخ المعطاء. وأغتنم هذه الذكرى الغالية لأبارك الإنجاز، وأهنئ المملكة العربية السعودية قيادة وشعباً في يومها الوطني.
*كاتبة إماراتية