أعلنت، مؤخراً، 64 دولة من الدول ذات الاقتصادات القوية ومستوى الدخل الفردي المرتفع، عن عزمها المشاركة في المبادرة الدولية المعروفة بـ«كوفاكس» (COVAX)، مع التوقع أن تشارك 38 دولة أخرى في هذه المبادرة خلال الأيام القادمة. وبذلك يبلغ عدد الدول المشاركة في مبادرة «كوفاكس» 156 دولة، تمثل مجتمعة ثلثي سكان العالم، أصبحت جميعها، إما ملتزمة، أو مستحقة للحصول على التطعيم ضد فيروس كوفيد-19، حال توفره في المستقبل.
وتهدف هذه المبادرة إلى جمع وحشد جهود الحكومات، والشركات الكبرى المصنعة للتطعيمات الطبية، لغاية ضمان توفر ووصول تطعيم آمن وفعال ضد كوفيد-19 حال توفره، لمن هم في أشد الحاجة إليه، وبغض النظر عمن هم، أو أين يقطنون. فرغم أن هناك حالياً عشرات التطعيمات التي يتم تطويرها واختبارها، فإن الغالبية العظمى ستفشل في تحقيق حد الأمان المطلوب، أو أن تبلغ مستوى الاستجابة المناعية المرغوبة، ليظل حسب أفضل السيناريوهات، عدد محدود فقط في النهاية من التطعيمات التي ستتمكن من تحقيق هذين الشرطين.
وهو ما سيضع حكومات الدول المختلفة، تحت ضغوط سياسية وشعبية هائلة، لتوفير أكبر عدد من الجرعات لشعوبها. ولكن، إذا ما تنافست الدول في الحصول على تلك الجرعات، فستخسر الكثير من الدول هذا السباق، وخصوصاً تلك التي لا تتمتع بإمكانيات مالية قوية بسبب ضعف اقتصاداتها. هذا السيناريو لن يكون كارثياً فقط للدول التي تعجز عن توفير احتياجاتها من التطعيم، بل أيضاً للجميع، وبغض النظر عن الإمكانيات المادية الفردية. فالقاعدة الذهبية في مواجهة الأوبئة، أن لا أحد آمن، إلا إذا كان الجميع آمنين.
وأمام هذه الواقع، يهدف «كوفاكس» إلى ضمان أن تحصل جميع الدول على نصيب عادل ومنصف من التطعيم المؤمل. وهو ما سيتم تحقيقه من خلال ما يشبه وثيقة تأمين، تغطي أكبر عدد ممكن من التطعيمات المؤمل نجاحها في المستقبل. ففي ظل حقيقة أن الدول الغنية تتمتع بفرصة أكبر في الحصول على الجرعات اللازمة من التطعيم، وبدلاً من أن تتنافس بين بعضها البعض، يمكنها أن تنسق فيما بينها، وأن تجمع قواها الشرائية، للاستثمار في مصانع إنتاج التطعيمات الطبية، مما سيسمح بمضاعفة العدد الإجمالي للجرعات الممكن إنتاجها، ليستفيد منها الغني والفقير على حد سواء.
وبمعنى آخر، بدلاً من أن نتنافس جميعاً على مصادر محدودة؛ أي المتاح من جرعات التطعيم في هذه الحالة، لنجتمع سوياً ولنتحد معاً، للاستثمار في زيادة الطاقة الإنتاجية، بشكل يتيح للجميع الحصول على احتياجاتهم من التطعيمات، بما في ذلك الدول التي لا يمكنها المنافسة من الأساس بسبب ضعف إمكاناتها المادية. وحتى الدول الغنية، ستزيد من فرص حصولها على التطعيم، بدلاً عن أن تدخل هي الأخرى في منافسة شرسة مع الدول الغنية الأخرى، كما أنها تضمن حصول الدول الفقيرة على التطعيم، لوقف انتشار الفيروس في أراضيها لاحقاً.