عندما بدأ إلقاء القبض على بذرة التنظيم السري للإخوان المتأسلمين في الإمارات، كان الشباب الإماراتي الواعي من أكثر المتفاعلين والمرحبين بالإجراءات القانونية التي اتخذتها السلطات لحماية الوطن، وقد عبروا عن ذلك بخوض معارك افتراضية مع أنصار الظلام عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتغلبوا على خفافيش الفضاء الافتراضي بمبادرات فردية عفوية، أبرزت حبهم لوطنهم ومدى تفاعلهم مع الأحداث المرتبطة به.
الحضور الشعبي والشبابي المكثف آنذاك جسّد ما يشبه الاستفتاء الشعبي، الذي اختار نبذ التآمر الإخواني ومحاصرته بوعي الإماراتيين ويقظتهم وتشبثهم بالاستقرار، لأنهم يدركون أن أي انجرار وراء مخططات المتطرفين أمر مستحيل في الإمارات، وأن التطرف لن يجد حاضنةً شعبية تقبل به في هذا البلد، وكما هو معلوم للجميع فإن الإمارات هي العدو اللدود للتنظيم الدولي للإخوان المتأسلمين، والذي استغل معاهدة السلام الإماراتية الإسرائيلية زاعماً أنها تنكُّر للقضية الفلسطينية، وهذا ما يستغله الإخوان حالياً لدغدغة وإثارة عواطف المسلمين في العالم العربي بالشعارات الجوفاء، بل ذهب بعضهم إلى حد اتهام قادة الإمارات والبحرين بعدم استشارة شعبهم أو القيام باستفتاء شعبي! هؤلاء لا يلامون إن كانوا على عدم إدراك بطبيعة العلاقة بين الشعب الإماراتي وقيادته الرشيدة، حيث يثق هذا الشعب ثقة مطلقة في قيادته، وهو على يقين جازم بأن السلطات تبحث عن مصلحة شعبها في المقام الأول، وليس بالضرورة أن بيروقراطيات الاستفتاءات الشعبية تناسب كافة المجتمعات على مستوى العالم.
والملاحظ أنه ليس جماعة الإخوان وداعميهم على المستوى الدولي وحدهم من يحاولون تشويه صورة الإمارات بعد إبرام معاهدة السلام، بل كذلك الشرذمة الهاربة من إخوان الإمارات، والذين لاذوا بالفرار من الدولة قبل أن يتم القبض عليهم وإحالتهم للمحاكمات. وها هم الآن يستغلون المعاهدة للتباكي على القضية الفلسطينية، بينما الخيانة متأصلة في طبيعة الإخوان وتسري في دمائهم، وحيلهم هذه لن تنطلي على الشعب، حيث سبق للشباب الإماراتي أن أثبت بأنه محب لوطنه، ولن يسمح باختطاف السكينة والأمان والحرية والكرامة، لاستبدالها بأجندة عصابة مأجورة، استبدلت الاعتزاز بالهوية الوطنية بأفكار دخيلة وميتة، وهي أفكار لا وطن لها ولا ذاكرة، لذلك لم ولن يجدوا شبراً واحداً في تربة الإمارات لقبول بذورهم الميتة منذ ولادتها في كهوف الدجل والزيف، خاصة وأنها تشترط على الإنسان الحر أن يتنكر لبلده، وعنوان وجوده الذي يتباهى به كلما لمح علمه يخفق في عنان السماء وكأنه قلب الوطن ونبض وحدته، وهي معادلة يصعب على هؤلاء الخونة الهاربين فهمها، بل تنطبق عليهم مقولة خالدة لنابليون بونابرت: «مثَلُ الذي خان وطنه وباع بلاده كمَثَل الذي يسرق من مال أبيه ليُطعم اللصوص، فلا أبوهُ يسامحه ولا اللص يكافئهُ».
وأغلب هؤلاء الهاربين، إن لم يكونوا كلهم، يعيشون في تركيا، والسلطات التركية على علم مسبق بأنشطتهم التي يستحيل لهم القيام بها دون تحريض وتوجيه وتمويل، فهؤلاء بعد أن قطعوا صلتهم بوطنهم، تقمصوا دور المفكرين المزيفين، وراحوا يتجولون بشخصياتهم الجديدة في الندوات والمحافل، وعبر الوسائل الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي. لكنهم يعرفون جيداً أن صورتهم الحقيقية في الإمارات تضعهم كأقزام أمام الأمر الواقع، باعتبارهم مجرد إرهابيين هاربين من وجه العدالة، إذ إن ملفاتهم مثقلة بالعديد من أوزار القضايا التي تضعهم في خانة المتآمرين الخونة.
كان على هؤلاء أن يصمتوا لو أن لديهم القليل من الحياء، فلا يشرف أهل الإمارات أن يتنطع من قلّ حياؤه.