إن العين لتدمع والقلب ليحزن، وإن الإنسانية لتبكي أمير الإنسانية. مصابٌ جلل تمثل في وفاة أمير الإنسانية صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وانتقل إلى جوار ربه، فقيد الأمة العربية والإسلامية. 
رحلت ياسيدي يا أمير الإنسانية وتركت لنا إرثاً وذكرى من الصعب نسيانها. وتجلت آثاره في كل ثنايا هذا الوطن، بل ووصلت جميع أنحاء المعمورة من خلال بصمات إنسانية لاحدود لها. أدوار كان لها الأثر الطيب وساهمت في إرساء السلام والتوفيق بين الأفرقاء والمتخاصمين في العالم، فكان قائداً إنسانياً بحق. اللهم اغفر له واغسله بالماء والثلج والبَرد ووسّع مدخله. لقد فقدت الأمة الإسلامية والعربية شخصية استثنائية لم تمر على الإنسانية الحديثة مثلها من قبل، فقضى حياته لخدمة الإنسانية. صاحب السيرة العطرة والحياة الحافلة بالعطاء والبذل.. لقد قدم الفقيد للإنسانية الكثير والكثير من المبادرات السلمية وخطوات السلام مؤكدا  سعيه الجاد  للتخفيف من المشاكل العويصة في هذا العالم المتغير وما به من  خلافات بالغة الصعوبة في كثير من الأحيان.. لم يبخل، رحمه الله، على الإنسانية بأي جهد يساهم في التخفيف من المصاعب.
الفقيد كان قمة في الأخلاق والإنسانية.. قمة في التعامل الراقي مع الجميع، فساهم في التخفيف من معاناة الشعوب والأمم، وسعى جاهدا من  أجل وقف الصراعات وحل الخلافات في الدول العربية، في لبنان واليمن وسوريا وليبيا والسودان والكثير من دول العالم، لذلك استحق بجدارة كل الألقاب الطيبة والأوسمة التي حازها تكريماً لجهده وعطائه. 
وإذا أردنا الحديث عن مساهماته في وطنه ولشعبه، فإننا نقول إن فقيد الأمة أرسى أسس  الحياة العصرية الحديثة. وأسهم في بناء وطنه بكل ما لديه من جهد، فأوصل الكويت إلى أرقى وأعلى المراتب بين الدول، وبنى لشعبه ووطنه دولة مؤسسات تتغنى بها كل الشعوب والأمم في العالم، والتي تتمنى أن يكون لديها مثلها أو حتى قريبة منها، كون الفقيد ذخراً لشعبه ورمزاً لن يتكرر على مدى التاريخ. 
مع رحيل أمير الإنسانية سوف تجف الدموع في مآقينا ولعلنا سنتمنى عيوناً أخرى للبكاء على فقدانك.. إننا لن ننسى آخر كلماتك، طيب الله ثراك، بالحفاظ على الكويت في قلوبنا. وكن مطمئناً بأنك تركت شعباً استوعب دروسك وتعاليمك الإنسانية الراقية. 
إننا نقف اليوم بمشاعر عميقة تشتعل فيها الحسرة والألم في موقع رثاء رجل بأمة.. رجل أحيا إنسانية افترستها وحوش التغريب والتحلل القيمي والعقدي في حقبة المتغيرات المتسارعة، وعمل ليل نهار لخدمة قضايا أمته، وشعبه، وأبناء وطنه.. فلقد كان واحداً من العظماء الذين أنجبتهم دولة الكويت في القرن العشرين، ووهبتهم شمائل وحبتهم بقدرات وطاقات متميزة ارتقت بهم إلى قمة المجد وذرى العمل والتضحية والعطاء اللامحدود. فهو رجل ليس ككل الرجال، ورمز ليس ككل الرموز، فما سوف يتركه من إرث فذ بين دفتي كتاب حياته الذي تتقاطر من صفحاته المضيئة كل صور العطاء والإبداع، يضعه -حتما ودون جدال- في المرتبة الأسمى التي لا يجاوره فيها أحد.. لقد مثّل الفقيد مدرسة فكرية كبرى متكاملة الأبعاد والزوايا، وموسوعة سياسية شاملة طبعت بصماتها المؤثرة في كل مكان، وتركت آثارها العميقة في حياة الإنسانية والأمة جمعاء.

لم تقتصر حياة فقيد الإنسانية والأمة على المواقف الثابتة والقدرات الفكرية والسياسية الباهرة، بل إنه مثّل الفكر والسياسة، امتلك مرونة دبلوماسية مدهشة صقلتها المحن والخطوب والتجارب والخبرات، ليشكل شخصية بديعة ذات ملامح ومكونات متكاملة تُوّجت بكاريزما ذاتية وحضور لافت. 
إننا في هذا المقام مهما تحدثنا عن مناقب فقيد الأمة الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح.. فإننا لن نوفيه حقه، فهذا الرجل  حكم فعدل وأرسى مبادئ وقواعد إنسانية تجاوزت المنطقة لتصل كافة أرجاء المعمورة.

رحلتَ يا أمير الإنسانية.. برداً وسلاماً.. تغمدك الله بواسع رحمته وأسكنكَ فسيح جنانه.. ونقدم تعازينا الحارة لأسرة آل الصباح الكرام، وإلى الشعب الكويتي الكريم، وإلى شعوب الأمتين العربية والإسلامية بهذا المصاب الجلل.
* كاتب كويتي