الذين لهم قدرة على قراءة الأزمنة، باتوا يدركون أن سياسات أردوغان مآلها الفشل. فقد حان وقت دفع الأكلاف العالية لجنون العظمة الذي انتابه، والمغامرات الطائشة التي أقحم فيها بلاده. عدة قراءات توضح لنا كيف يعيش أردوغان رديف أيام حكمه في الداخل والخارج، وفي المقدمة منها انقلاب أصدقاء الحكم عليه، مثل داوود أوغلو الذي خاطب الأتراك مؤخراً كاشفاً لهم ما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية في تركيا، من جراء أفعال الرئيس الدونكيشوتية، الأمر الذي يعني أن السفينة التركية قد باتت مخروقة وعلى شفا الغرق. من أين للمرء أن يتناول انتكاسات تركيا على الصعيد الخارجي؟ 
يمكن اعتبار زيارة وزير الخارجية الأميركي «مايك بومبيو» إلى اليونان، مقدمة لأوجاع وآلام قادمة لا شك سوف تصيب الجسد التركي من شعر الرأس إلى أخمص القدمين.. كيف ولماذا؟
باختصار غير مخل، لأنها تمثل بداية الانسحاب الأميركي من الأراضي التركية، لا سيما من قاعدة انجرليك التي تقع في مقاطعة «أضنة»، والتي كان حلف الناتو يعول عليها كثيراً خلال الحرب الباردة والمواجهة مع الاتحاد السوفييتي سابقاً. تقول «التايمز» البريطانية في تقرير لها قبل بضعة أيام أن واشنطن تخطط لنقل وسائلها الحربية من قاعدتها الرئيسة في تركيا، إلى جزيرة كريت اليونانية من أجل معاقبة الرئيس التركي.
خُيّل لأردوغان أن واشنطن مالئة الدنيا وشاغلة الناس خافٍ على أعينها دور تركيا المثير للقلاقل في المنطقة، لا سيما بعد الإصرار على حيازة صواريخ «اس -400»، روسية الصنع، والتي تمثل تهديداً قوياً لسلاح الجو الأميركي، وتهديدها لحقول الغاز المندفعة من قاع البحر الأبيض المتوسط، وأدوار أنقرة في تسهيل انتقال الإرهابيين من سوريا إلى العراق، ومنهما إلى ليبيا واليمن، وإثارة الفوضى شرق أوسطياً.
هناك جزئية قد لا يتوقف أمامها الكثيرون وهي أن بومبيو تحديداً سيكون له دور فاعل وناجز في تفكيك المنظومة الأردوغانية السلطوية. فالرجل يمثل أحد أعمدة اليمين الديني الأميركي.
في هذا الإطار انكشف لبومبيو وللخارجية الأميركية الدور الهدام الذي يلعبه أردوغان بالشراكة مع الجماعات الأصولية الإسلاموية، بدرجاتها المتفاوتة، سواء التي تزعم وتدعي أنها سليمة سياسية، أو التي لا تداري أو تواري وجهها القبيح إرهابياً. تركيا أردوغان تتكشف للعالم لا سيما أمام القيصر بوتين، وما تقوم به ضد أرمينيا، حكماً سوف يستوجب عقاباً أشد صرامة، وربما يتطور الأمر إلى إعلان روسيا الحرب على تركيا، لا سيما وأن هناك ما يعرف بمعاهدة الأمن الجماعي التي تشمل روسيا وأرمينيا.
خُيّلَ لأردوغان أن روسيا مشغولة في بيلاروسيا، والمشاحنات مع الغرب بسبب قضية «نافالني»، في حين كانت الاستخبارات الروسية ترصد نقل تركيا أربعة آلاف إرهابي من شمال سوريا إلى أذربيجان، ودفعات أخرى قادمة.
عطفاً على ما تقدم، فقد جاء إعلان القاهرة بمولد منظمة «منتدى شرق المتوسط للغاز»، ليشكل طعنة أخرى في صدر طموحات أردوغانية غير مشروعة.
الخلاصة..الانكشافات والتراجعات بداية النهاية لسياسات أردوغان.
*كاتب مصري