عندما نقلب الحكمة التي ربطت الوجود بالتفكير في مقولة «أنا أفكر إذن أنا موجود»، فإننا نكتشف حقيقة بأن كل الوقائع والأشياء مهما صغرت حتى الذرات هي روح الفكر، الذي يصفها ويبحث ويكشف عنها، لذا فإن حل مجمل القضايا الاجتماعية والأمنية والاقتصادية الناتجة عن صيرورة المعرفة ومتطلبات وحاجات الشعوب المتعددة على مستوى الأمم والدول، مرتبط بولادة الفكرة تلو الفكرة، والتي تتحول إلى تشريعات واستراتيجيات وسياسات وصناعات. ففي هذه المقالة سأصتحبكم في رحلة قصيرة عبر بعض الأفكار المختارة حول العالم. 
لقد تدحرجت الكرة كلعبة عبر حضارات متعددة بأشكال مختلفة، إلا أن فكرة لعبة كرة القدم بنموذجها الحالي تعود إلى ظاهرة العنف المدرسي، حيث شهدت بعض المدارس العامة البريطانية في القرن التاسع عشر، ظاهرة العنف الجسدي والإهانات على المعلمين والمدرسين والقرويين من قبل التلاميذ المراهقين، الأمر الذي جعل بعض المدارس تسمح وتشجع على لعبة كرة القدم، هادفةً إلى تحويل الكثير من المشاغبين إلى أبطال في هذه اللعبة، مع استنزاف طاقاتهم البدنية. وعلى هذه الفكرة والاستراتيجية تمت معالجة العنف المدرسي والمجتمعي بشكل كبير، وفي الوقت نفسه تطورت قوانين اللعبة بأن تلعب بالقدم، ويكون فيها قانون العرقلة وأسلوب تمرير الكرة بين اللاعبين، الذي يعود إلى الأُسكتلنديين حين شكلوا تنظيمات ومسابقات مع المناطق البريطانية، وانتشرت اللعبة على المستوى العالمي، حتى الولوج إلى عالم الألعاب الإلكترونية. 
والفكرة في أحيان كثيرة تكون نتاجاً لبعض الأفكار الاستشرافية، فمثلاً كتابة المقالات عن مخاطر زيادة السكان ومحدودية الموارد الطبيعية، قاد إلى اختراع حبوب منع الحمل في القرن العشرين، متجاوزاً الوسائل الطبيعية والصعبة السابقة. وفي تحديق ديفيد ميتراني حول أهمية وتنوع جغرافية الموارد الطبيعية، أبصر بأنها تعد سبباً رئيسياً للحروب والصراعات بين الدول، ما جعلهُ يضع تنظيراً مفادهُ: إن ما تتصارع عليه الدول والأمم يمكن أن تتعاون فيه وحوله. 
وعندما جثمت سحب دخان الطفرة الصناعية والإنتاجية على البيئة والإنسان، خرجت المؤتمرات الدولية حول قضايا التنمية وتلوث البيئة وانقراض بعض الكائنات، وأتت فكرة التنمية المستدامة لكبح التنمية، بوضعها في ميزان العدالة، حيث عرفت عبر اللجنة العالمية المعنية بالبيئة والتنمية التابعة للأمم المتحدة عام 1987، «بأنها تلبية حاجات الحاضر من دون التأثير على قدرة تلبية متطلبات الأجيال المقبلة في المستقبل»، وعليه انبثقت الكثير من الأفكار، وهي في تزايد، مثل استغلال القيمة المضافة، عبر تدوير المرافق والمباني أكثر من مرة في المجال العمراني، وفي الاقتصاد خرجت استراتيجيات لتنويع المصادر، وفي الشؤون الاجتماعية هناك أفكار حول زيادة المواليد والمساواة بين الرجل والمرأة، حتى في الموسيقا أصبحنا نطلق على الأغاني القديمة الكلاسيكية التي مازالت تعبر جيلاً بعد جيل بالأغاني المستدامة. 
ففي السلام والإنسانية هنالك العديد من الأفكار والتشريعات، فالأمم المتحدة تُحَرم الحرب، وتشجع على التعاون بين الدول، وتدعم حقوق الإنسان بأطوارهِ، حتى وصلت إلى تمرير مبدأ التدخل الإنساني في الضرورات الإنسانية. ففي السلام والإنسان قدمت دولة الإمارات فكرة ومشروع بيت العائلة الإبراهيمية، الذي تستحق عليه جائزة نوبل، على غرار محمد يونس صاحب فكرة مكافحة الفقر عبر إقراض الفقراء بمبالغ صغيرة من دون ضمانات. فالبيت الإبراهيمي سيعزز من جعل منطقة مهد الأديان السماوية «الشرق الأوسط» محلاً للاستقرار والتواصل الفكري بين أتباع الديانات الإبراهيمية، ومركزاً حضارياً مؤثراً على المستوى الدولي في التسامح والسلام والقضاء على ظاهرة العنف والجرائم الفردية والمنظمة المنبثقة من دوافع دينية مقيتة ومتطرفة.