أيام معدودة باقية على الانتخابات الأميركية، ومن ثم فاجأنا مايك بومبيو، وزير الخارجية الأميركية، بنشره رسائل بريد إلكتروني تخص وزيرة الخارجية الأميركية السابقة، هيلاري كلينتون، وقد قال لفوكس نيوز: «سننشر هذه المعلومات حتى يتمكن الأميركيون من رؤيتها».
حقيقة لم تكن الكثير من المعلومات في «إيميلات هيلاري» مفاجئة لكن تسريبها يعد توثيقاً لما كان يُتداول في الإعلام التقليدي والجديد. فقد أوضحت الرسائل المسربة الخطط المشبوهة لإدارة أوباما بدعم الفوضى من خلال ما سُمي بـ «الربيع العربي» لزعزعة الاستقرار في المنطقة، أهمها التآمر ضد مصر، والبحرين، والاتفاقيات مع قطر بشأن الدعم اللوجستي والمالي بما فيه الإعلامي للإخوان. 
فتلك الرسائل الإلكترونية كشفت عن مؤامرة الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك والاتصال مع «الإخوان» ليكون لهم دور محتمل في السلطة. وقد كشفت الرسائل أيضاً عن حادثة المغفور له سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودي، بإغلاق هاتفه في وجه هيلاري بعد أن طلبت منه عدم إرسال قوات بلاده إلى مملكة البحرين خلال أعمال الشغب عام 2011. كما تطرقت الرسائل إلى حديث كلينتون عن قيام دولة قطر بإنشاء منصة إعلامية ضخمة لدعم «الإخوان» بمبلغ 100 مليون دولار. 
أهم سؤال ينبغي التطرق إليه بعد قراءة هذه الإيميلات المسربة: ما الذي يجعل الحزب «الديمقراطي» واليساريين يدعمون جماعات الإسلام السياسي مثل «الإخوان»؟ هل لو أن «جو بايدن» فاز في الانتخابات ستتبع إدارته النهج نفسه الذي اتبعته إدارة أوباما؟ 
أهم التحاليل تشير إلى أن السبب الأساسي في دعم الحزب «الديمقراطي» لجماعات الإسلام السياسي أنهم يرون فيهم «ترياقاً» مناسباً للجماعات القتالية المتطرفة مثل «داعش» و«القاعدة» وبالتالي، هذا يعتبر «عاملاً مهماً»- حسب زعمهم- لمحاربة الإرهاب والتطرف. 
السبب الآخر والأهم اليسار الراديكالي «المؤدلج» اليوم هم المسيطر على الحزب «الديمقراطي» وليس المعتدلون كما كان في الماضي. فخصمهم الأول كل من يتمسك بأميركا التقليدية «الجمهوريين المحافظين» لأن هدفهم الأساسي تغيير كل ما بُنيت عليه أميركا من قيم ومبادئ، ولا أحد ممكن يساعدهم في هذه المهمة أكثر من الإسلاميين. فدول مثل السعودية والإمارات والبحرين ومصر تعتبر في نظرهم حلفاء لأميركا التقليدية، ولهذه الأسباب هم في الغالب غير متوافقين مع هذه الدول، ونتيجة لذلك في حال فوز بايدن في الغالب سيعيد إحياء سياسات أوباما. 
نجد الكثير من هذه السياسات بعضها نابع عن جهل بالمنطقة، والبعض الآخر عن تخطيط تدميري لمصالح حزبية، لكن في كلا الحالتين ما على دول الاعتدال العربي، إلا أن تقوم بترجمة كل ما يبث باللغة العربية من تطرف من قبل جماعات الإسلام السياسي إلى اللغة الإنجليزية، ليرى العالم حقيقة هذا الاعتدال المزدوج، وكذلك تحتاج إلى كشف حقيقة هذا العداء تجاههم في الغرب دافعه حزبي أيديولوجي وليس مجرد مناداة بالحقوق والحريات.
*باحثة سعودية في الإعلام السياسي