من العادات الجميلة التي لم تنقطع منذ 15 عاماً لهذه الجريدة العريقة، الاحتفال بالذكرى السنوية لتأسيسها، عبر إقامة منتدى فكري وثقافي يتناقش من خلاله مجموعة معتبرة من الكتّاب والمثقفين حول أبرز مواضيع الساعة. وفي نسخة هذا العام، شرفتُ قبل يومين بالالتقاء - عن بعد بسبب الاحترازات الصحية - بحوالي أربعين كاتباً وباحثاً،  من مختلف البلاد العربية ليشاركوا «الجسم الصحافي الإماراتي» احتفالاته بمرور 51 عاماً على كتابة العنوان الأول على الصفحة الأولى في العدد الأول من هذه الجريدة التي قضيت فيها شطراً قصيراً من عمري الصحافي.
استمتعت على مدى أكثر من ثلاث ساعات بأوراق العمل التي طرحها بعض الزملاء، وكذلك بالتعليق الذي تلي كل جولة نقاش. وزاد من استمتاعي باللقاء حضور التبسط والعفوية خلال المنتدى، ما أسبغ عليه أجواء عائلية، ونحن بالفعل عائلة واحدة.
ومن خلال هذه المقالة التي تأتي بعد يومين من اللقاء، أشارك الزملاء والقراء الكرام ببعض الأفكار التي حال وقت اللقاء القصير دون طرحها وإطلاع المنتدين عليها.

ففيما يتعلق بالجلستين الأولى والثانية واللتين ناقشتا عملية السلام العربية الإسرائيلية، ومبادرة الإمارات والبحرين في تمهيد الطريق لصناعة سلام دائم ومكتمل في المنطقة، تحدث ستة من الزملاء عن الظروف السياسية التي جعلت الإمارات تقرر في لحظة مفصلية من التاريخ العربي أخذ زمام المبادرة في إعادة قطار السلام العربي الإسرائيلي إلى سكته الصحيحة، والبدء في ترميم الحقوق الفلسطينية من جهة، وتخفيف وتهدئة التوترات في المنطقة من جهة أخرى. تحدث المؤتمرون الستة عن الدوافع والنتائج، وكيف سيكون شكل العملية السياسية بعد توقيع اتفاقية السلام بين دولتي الإمارات والبحرين ودولة إسرائيل، وأتحدث هنا في هذه المقالة، استكمالاً لما بدأوه، عن الإجراءات التي ينبغي على المجموع العربي القيام بها لاستكمال هذا المشروع الذي يخدم في المقام الأول الشعب الفلسطيني، وينثال بعد ذلك حاملاً الأمن والسلام والازدهار على كامل الخريطة العربية.
الإجراء الأول: تفكيك المبادرة العربية إلى أجزاء صغيرة، كل جزء بحجم دولة، على أن تقوم كل دولة عربية، بشكل منفرد، بإلصاق جزئها الخاص على لوحة السلام العربي الإسرائيلي.
الإجراء الثاني: احتفاظ كل دولة عربية بـ «جزء معين» من الحق الفلسطيني، للتفاوض حوله مع إسرائيل، من جملة المفاوضات السياسية والاقتصادية بينهما.
الإجراء الثالث: إنشاء لجنة عربية مصغرة، منبثقة من الجامعة العربية، لتنسيق المواقف حول القضية الفلسطينية، وربط الأجزاء الفلسطينية المضمنة في مشاريع السلام لكل دولة عربية على حدة.
الإجراء الرابع: إعادة القيادة الفلسطينية تحت مظلة الجامعة العربية، وربطها مباشرة باللجنة المصغرة، وإبعادها عن المفاوضات المباشرة مع إسرائيل، لضمان عدم سقوطها في فخ «عدم توازن القوى».
ولعلنا بعد هذه الإجراءات الأربعة نخرج بعد سنوات قليلة مقبلة بدولة فلسطينية مستقلة وكاملة السيادة.