توقيع اتفاق السلام الإبراهيمي بين دولة الإمارات العربية المتحدة وبين دولة إسرائيل برعاية أميركية ما هو إلا حقبة جديدة ومهمة في تاريخ السياسة الدولية وخاصة العلاقات في الشرق الأوسط واستقراره، إذ لا يمكن تجاهل أو غض النظر عن الدوافع التي ساهمت وساعدت على الإسراع في إبرام الاتفاق الإبراهيمي، أولها وربما أهمها الرؤية المغايرة والصواب، التي تتميز بها قيادة دولة الإمارات العربية المتحدة، ومما لا شك فيه فإن الاتفاق وهو الأهم من بين اتفاقيات السلام الثلاثة التي أبرمت بين إسرائيل ودول عربية، حيث سيكون له القسط الأكبر في التأثير الإيجابي على مجريات الأمور في منطقة الشرق الأوسط وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وقد كانت أولى نتائجه الإيجابية للفلسطينيين تجميد قرار ضم الأراضي الفلسطينية للسيادة الإسرائيلية، والأهم في دفع الاستقرار والتقدم بالابتكار العلمي الاقتصادي والتكنولوجي. 
ومن مشاعر الفخر والفرح والنتائج الأولى لاتفاق السلام هبوط أول طائرة من دولة الإمارات العربية المتحدة في مطار«بن غورون» الدولي وعلى متنها خيرة أبناء شعب الإمارات إذ غَمر الأمل الملايين.
وهنا لا بد من الاستشهاد بمقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله: «التاريخ يكتبه الرجال والسلام يصنعه الشجعان»، لأن السلام يحتاج أولًا وقبل أي شيء لقوة وشجاعة ولتسامح ورؤية واضحة ومغايرة، والمهم لأيدي نظيفة، إذ لا يمكن إقامة سلام على أساس الشك وانعدام الثقة.
وهنا من خلال مراقبة الأمور، نرى أن معارضي «الاتفاق الإبراهيمي» من قادة وساسة وحتى من جمهور يفضلون النظر إلى الماضي وليس إلى المستقبل، دون إدراك بأن التغير يكون حتمًا على المستقبل وليس العكس، ولا يمكن الاستمرار في معارضة السلام والصلح من خلال اتخاذ موقف متشنج غير قابل حتى للحديث والنقاش والتفاهم.
هناك من اعتبر على مدار المائة عام الأخيرة من الصراع العربي- الإسرائيلي وتحديدًا خلال الخمسة عقود الأخيرة، أي منذ عام 1967 أن أساس هذا الصراع هو القضية الفلسطينية، وربما الأمر صحيح بعض الشيء، لكن هل يعقل أن يتم منع أي تحرك لأي دولة عربية ذات سيادة واستقلال؟ 
رؤية وقرارات قادة دولة الإمارات العربية المتحدة، كانت مغايرة وبلا شك، فإن المستقبل والتاريخ سيثبتان أن قراراتها كانت صائبة، خاصة وأنه على مدار ثلاثة عقود من المفاوضات المباشرة الفلسطينية والإسرائيلية لم يتم التوصل إلى أي حل، ولا أريد أن أقول إن الفشل، فشل القيادة، كان حليفَ كل محاولات التسوية.
ونحن قد دخلنا القرن الواحد والعشرين للميلاد، ومع التطور التكنولوجي والعلمي في العالم، وفي ظل محاولة تغير موازين القوى ومحاولة شد منطقة الشرق الأوسط من قبل جهات ظلامية، تحرك أذرعها المختلفة نحو الدمار والخراب، والعبث في أمن وسلامة المنطقة، من خلال سباق التسلح وخاصة بأسلحة الدمار الشامل وغير التقليدية، يتوجب علينا كشعوب أن نرى الأمور بمنظار مختلف تمامًا كما يراها القادة، ووضع السلام والتعايش والتقارب بين الشعوب كطموح وهدف أساسي.
لا يمكن اليوم، كما كان في السابق، السيطرة بالقوة خاصة على شعوب أخرى، فالقوة الحقيقة في العالم اليوم هي قوة العلم والتطور والتكنولوجيا والابتكار وقوة السيطرة من خلال الاقتصاد أكثر مما هي سيطرة من خلال نفوذ الجغرافيا. والقيادة الحكيمة هي التي ترى القوة في عقول أبناء شعبها من خلال إبداعهم العلمي والتكنولوجي ودعم البشرية وانقاذ الحياة وليس العكس، وهذا الأمر نراه من خلال أبسط المعطيات، ألا وهو نمو الناتج المحلي الإجمالي لكل دولة.
*كاتب بصحيفة «يسرائيل هيوم»