يتسبب تلوث الهواء في 7 ملايين وفاة مبكرة سنوياً، من خلال زيادة نسب الإصابة بعدد من الأمراض التنفسية، مثل الأزمة الشعبية، والالتهاب الرئوي، وسرطان الرئة، وأمراض الرئتين المزمنة، وبما أن كوفيد-19، هو في جوهره مرض تنفسي، فمن السهل إدراك أن استنشاق هواء ملوث، يزيد من فرص حدوث العدوى، ومن زيادة حدة مضاعفات المرض والوفاة بسببه، وفي هذا السيناريو، تتعرض الأجهزة التنفسية لأفراد المجتمعات القاطنين في دول ومدن تتميز بارتفاع نسبة الملوثات في هوائها إلى ضربة مزدوجة، من الفيروس ومن الهواء الملوث.
وبخلاف الضرر الكبير الذي تحدِثه ملوثات الهواء في الجهاز التنفسي والرئتين، تتسرب هذه الملوثات إلى مجرى الدم، لتؤثر أيضاً على الجهاز الدوري بمكوناته من قلب وشرايين وأوردة وشعيرات دموية، وغيرها من الأعضاء والأجهزة، فعلى حسب دراسة أجريت في تسع مدن بريطانية، اتضح أنه في الأيام التي ترتفع فيها مستويات تلوث الهواء فوق المعدلات الطبيعية، يزداد مجمل حالات الإصابة بالأزمات القلبية الشديدة بمقدار 124 حالة، كما ارتفع عدد حالات الإصابة بالسكتة الدماغية بمقدار 231 حالة، وعدد حالات الإصابة بالربو أو الأزمة الشعبية بين البالغين والأطفال على حد سواء، وبمقدار 193 حالة.
وبناءً على أن المضاعفات الناتجة عن العدوى بفيروس كوفيد-19، تأخذ منحى أكثر حدة بين المصابين بأمراض مزمنة، مثل ارتفاع ضغط الدم، أو أمراض القلب، أو أمراض الرئتين، يمكن أن نفهم لماذا يصبح تلوث الهواء في حد ذاته عاملاً رئيسياً خلف زيادة معدلات الوفيات بين مرضى كوفيد-19.
ولذا بخلاف إجراءات الوقاية ضد العدوى بالفيروس، وخصوصاً ارتداء أقنعة الوجه، وغسل اليدين المتكرر، والحفاظ على التباعد الاجتماعي، وتجنب الأماكن المزدحمة، والحفاظ على تهوية طبيعية مستمرة داخل الأماكن المغلقة، يجب أيضاً اتخاذ الإجراءات الكفيلة بخفض التلوث في الهواء، والتي ربما من أهمها تفعيل القوانين والسياسات الكفيلة بخفض ملوثات الهواء، على مستوى المدن والدول، وهو ما يمكن أن يتأتى من خلال إدراك عامة الناس لحجم الخطر الذي يشكله تلوث الهواء، في زمن الوباء الحالي، وفي باقي الأزمنة والأوقات، مما سيولد نوعاً من الضغط الشعبي على الجهات المختصة بتفعيل تلك القوانين، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بخفض معدلات التلوث في الهواء.

*كاتب متخصص في القضايا الصحية والعلمية