تُقدِّم الاجتماعات التشاورية لتصميم مستقبل التعليم ورأس المال البشري للخمسين عاماً المقبلة، نموذجاً لنهج ثابت في دولة الإمارات العربية المتحدة، وهو امتلاك رؤية واضحة لفرص المستقبل وتحدياته في مختلف المجالات اعتماداً على أسس علمية متينة، والاستعداد له باستراتيجيات وسياسات وخطط تفصيلية قادرة على استيعاب التطورات والمُتغيرات. كما تكشف مجريات هذه الاجتماعات عن قدرة «لجنة الاستعداد للخمسين»، على ترجمة الأهداف والمهام المسندة إليها، من خلال ملحمة عمل دقيقة تستثمر كل الخبرات والتجارب المتميزة والكوادر البشرية ذات التأهيل الرفيع في التخطيط للعقود الخمسة القادمة، لكي تكون دولة الإمارات أفضل دولة في العالم، وسوف تكون كذلك من دون شك.
ويمثل الدعم الذي تتلقاه الاجتماعات التشاورية من القيادة الرشيدة أساساً متينًا لنجاحها، وقوة دافعة نحو تحقيقها لأهدافها، إذ تنعقد بتوجيهات من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وفي ظل متابعة حثيثة وإشراف من جانب سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، الذي يرأس لجنة الاستعداد للخمسين. ويدعم هذه الاجتماعات التشاورية أيضاً أن دولة الإمارات قد راكمت عبر السنوات الماضية رصيداً علميّاً وعمليّاً في مجال استثمار رأس المال البشري، بما يجعل النقاشات في هذا الموضوع مستندة إلى أرضية قوية.
وما يجب التوقف عنده كذلك، أن الاجتماعات التشاورية استمرت خمسة أيام، بين 23 و27 أكتوبر 2020، وشارك فيها أكثر من 600 من المسؤولين الحكوميين على المستويين الاتحادي والمحلي، ما يعني إتاحة الفرصة لعدد كبير من المختصين لإجراء نقاش على مستوى عالٍ من الأهمية مع غزارة ما يطرحه الحضور من آراء ورؤى واجتهادات، كلٌّ من زاويته وفي نطاق تجاربه وخبراته، لاسيما مع استعداد هؤلاء الحضور لجولات النقاش العلمي التي شهدتها الاجتماعات من خلال أوراق علمية وإحصاءات وبيانات مكتملة، ووجود عدد كبير من المعطيات والمرئيات والتوجهات التي أنجزتها فرق عمل خطة الاستعداد للخمسين، لرفعها على شكل توصيات للاعتماد في لجنة الاستعداد للخمسين. 
حضر الاجتماعات التشاورية أربعة وزراء، هم: معالي حسين الحمادي وزير التربية والتعليم، ومعالي جميلة المهيري وزيرة دولة لشؤون التعليم العام، ومعالي ناصر الهاملي وزير الموارد البشرية والتوطين، ومعالي سارة الأميري وزيرة دولة للتكنولوجيا المتقدمة. كما شارك بفاعلية ملحوظة عدد من الأمناء العامين للمجالس التنفيذية في إمارات الدولة، ومديري الدوائر المحلية الذين تتصل وظائفهم بالتعليم والموارد البشرية والتخطيط المستقبلي، حيث قدَّموا اجتهادات قيِّمة وملاحظات دقيقة ساهمت في إنضاج المشاورات وتطوير فهم أفضل للموضوع من كل جوانبه. 
وقد تمحورت الرؤى المستقبلية في جانبها التعليمي حول تحقيق مفهوم التعلم مدى الحياة، ومأسسة رؤية تربوية مستدامة وتوجيه مزيد من العناية لأصحاب الهمم، والموهوبين، والتكنولوجيا التعليمية المتقدمة، والابتكار النوعي وريادة الأعمال في التعليم وإنتاجية قطاع التعليم. وفي الجانب المتعلق بسوق العمل، اعتمدت رؤية المستقبل على إجراء تحليل علمي لمحاور رئيسية تشمل المهارات والجاهزية للمستقبل ومشاركة المواطنين في سوق العمل وريادة الأعمال والعمل الحر والقطاعات الاقتصادية المستدامة، ومستقبل أتمتة الوظائف ومقتضيات الثورة الصناعية الرابعة، وهو ما قاد إلى التركيز على محاور للمستقبل منها تحقيق مشاركة فاعلة لقوة العمل الوطنية في سوق العمل، واستدامة قيادة المواطنين لسوق العمل، وتطوير الأنظمة الإحصائية والتحليلية المركزية ذات الجودة العالية لبيانات سوق العمل. 
وأخيراً، فإن الأفكار الجيدة والمبتكرة هي أحد الأسس التي يقوم عليها النجاح. وسوف تظل النقاشات الثرية التي تضمنتها هذه المشاورات حول التعليم ورأس المال البشري، مصدراً لا ينضب للأفكار والآراء التي ستتفاعل مع نقاشات موازية حول محاور وقضايا أخرى في إطار عمل لجنة الاستعداد للخمسين، وتستفيد منها وتضيف إليها، لتتشكل رؤية أكثر تماسكاً وشمولاً للتعامل مع كل ملفات المستقبل بنجاح، كما اعتادت دولة الإمارات أن تفعل.
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية