قدر المملكة العربية السعودية أن تُعمّد بالتحديات الكبار، ولم يختلف ذلك خلال ترأُسها مجموعة العشرين. رئاسة المجموعة تمثل فرصة نادرة للأعضاء لتسويق مكانتهم وإمكانياتهم، وكذلك في بلورة رؤى وبرامج تنموية داعمة للاستقرار العالمي. وكان للاستقرار الاجتماعي عالمياً نتيجة للتحديات الناجمة عن الجائحة، الأولوية التي حددها خادم الحرمين الشريفيين الملك سلمان بن عبدالعزيز، في القمة الاستثنائية للمجموعة في 26 مارس 2020. كذلك تضافر جهود المجموعة في إدارة الأزمة، بالتعاون المشترك أو في دعم جهود المنظمات الدولية والقارية. 
وقد اعتمدت المملكة منظومة احتواء متكاملة ومحيطها الإقليمي ضمن المعايير التي حددتها منظمة الصحة العالمية، انطلاقاً من موقع مسؤوليتها المركزي عربياً وإسلامياً، وتعد النتائج التي حققتها مقارنة بشركاء كبار مثل الولايات المتحدة وأوروبا قياسية ضمن الإطار الزمني للجائحة، فإن التوافق الإقليمي على إغلاق الحدود ومنع الانتقال بكل الوسائط، رغم ما مثله ذلك من تحديات للطبيعة البشرية اجتماعياً واقتصادياً، كان له التأثير الأكبر في ذلك النجاح.
وعلى الرغم من الاستهداف المعنوي للمملكة من قبل أطراف إسلامية كبرى على خلفية قرارها تعطيل الحج والعمرة للحد من انتشار فيروس كوفيد-19، إلا أنها لم تتراجع انطلاقاً من مسؤوليتها الإسلامية والدولية، كذلك لإدراكها الأهداف السياسية لتلك الأطراف في هذا الظرف الدولي الطارئ بأكثر من شكل وأكثر من ملف إقليمي وعربي، بل استمرت المملكة في الانخراط مع شركائها في المجموعة في تأطير تفاهمات أسهمت في التقريب بين الثقافات على أسس إنسانية، ويمثل موقف منظمة التعاون الإسلامي من جريمة مقتل مدرس التاريخ الفرنسي صموئيل باتي أنموذجاً معيارياً للتسامح الإسلامي إنسانياً، وتأكيداً على تصالحها مع تاريخها الاجتماعي الخاص، وما لحق بالثقافة الإسلامية من تشوهات الأدلجة. 
دولياً، بادرت المملكة العربية السعودية بطرح عدة مبادرات وأهمها (المسؤولية المشتركة لدول المجموعة في الحد من تأثيرات الجائحة على الاستقرار الاجتماعي عالمياً وفي الدول الفقيرة بوجه خاص نتيجة للجائحة)، حيث بلغت قيمة الإسهامات السعودية في عموم المبادرات والبرامج الدولية، من خلال المجموعة ومنظمات دولية (منظمة الصحة العالمية/البرامج الخاصة التابعة للأمم المتحدة)، ذلك بالإضافة لمركز الملك سلمان للإغاثة ما تجاوز 800 مليون دولار، وكانت جمهورية إيران الإسلامية من إحدى الدول الأوائل المستفيدة من تلك البرامج رغم عدائيتها واستهدافها أمن المملكة العربية السعودية.
وقد مثل استقرار الاقتصاد الدولي لما له من تأثيرات مباشرة على الاستقرار الدولي، أحد التحديات التي واجهت المجموعة، إلا أن المملكة وظفت كافة إمكانياتها في تأمين أسواق الطاقة من الطفرات والاختلالات المصطنعة، وقد أكدت المجموعة الدور الريادي للمملكة ضمن مجموعة الأوبك، ومن خارجها في ضبط إيقاع السوق بضفتي العرض والطلب، وقد مثلت بعض تلك السياسات المستحدثة ضغوطاً إضافية عليها، إلا أنها قدمت المصالح الاستراتيجية على الوقتية منها.
ما قد تحمله الأيام من تحديات للمملكة العربية السعودية، لن يكون في جله إقليمياً بل ضمن فضائها الجيوساسي، إلا أنها تأكيداً ستكون بحجم مكانها ومكانتها، وإنْ شاء التاريخ أن تُعمِّد إرادة قيادتها وإنسانها مرة أخرى، فإنهما على استعداد لمواجهة ذلك في كل الظروف والأزمان.
ـ ــ ـ ــ
*كاتب بحريني