ما زالت «أميرة حق» تتذكر اليوم الذي أدركت فيه قبل نحو عقد من الزمن أن الالتزامات النبيلة التي التزمت بها الأمم المتحدة منذ سنوات – أي تعيين النساء في مناصب رفيعة تتعلق بالسلام والأمن – كانت إلى حد كبير مجرد شعارات. فلدى التجمع من أجل التقاط صورة جماعية مع ممثلين خاصين آخرين للأمين العام مثلها، نظرت الدبلوماسية البنغلاديشية حولها فوجدت أنها كانت المرأة الوحيدة في بحر من الرجال. 
وتقول الممثلة الخاصة السابقة لتيمور الشرقية: «أتذكر أنني قلت في نفسي:«هذه 2010، وليس 1950 أو 1960، ألا يمكن أن نقوم بشيء أحسن من هذا؟». وعلى ما يبدو، فإن الجواب هو: أجل، إننا نستطيع – أو بالأحرى، إن الأمم المتحدة تستطيع. 
فبعد أقل من أربع سنوات على تولي الأمين العام أنطونيو غوتيريش منصبه في يناير 2017 متعهداً بتحقيق المساواة بين الجنسين في المناصب العليا في الأمم المتحدة، عُينت عشرات النساء في مناصب مهمة، وغوتيريش مستمر على ما يبدو في سعيه لتحقيق هدفه بكل عزم وتصميم. فالأمم المتحدة لديها الآن أول امرأة وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية وبناء السلام، الدبلوماسية الأميركية روزماري ديكارلو. كما تظهر الدراسات أن نصف كل المناصب القيادية الرفيعة في الأمم المتحدة الآن باتت تشغلها نساء. 
الأحاديث الدائرة في كواليس الأمم المتحدة هي أنه إذا تجرأ أي مكتب أو وكالة على أن يرسل إلى غوتيريش قائمة بأسماء مرشحين ذكور فقط لمنصب مثل رئيس بعثة حفظ السلام أو مدير قسم، فإن الرد سيكون مقتضباً وعلى هذا النحو:«أين النساء؟ عد إلى بقائمة معدلة».
والواقع أن التقدم اللافت في الأمم المتحدة نحو المساواة بين الجنسين هو أولاً قصة قيادة. ولكنه يُبرز أيضاً أهمية التصميم في الوصول إلى هدف – ولاسيما في وقت تضرب فيه قوى جيوسياسية مضادة بشكل متزايد مسيرة حقوق النساء ومواضيع الإنصاف بين الجنسين. 
غوتيريش تولى منصب أمين عام الأمم المتحدة بعد انتخابات كان كل منافسيه الرئيسيين فيها من النساء. ومن الواضح أنه تأثر بحملة كادت تكون ناجحة لانتخاب امرأة على رأس أول مؤسسة دبلوماسية في العالم لأول مرة، ولهذا جعل رئيس الوزراء البرتغالي السابق من رفع المرأة وترقيتها من أولى أولوياته. 
ولا شك أن الصعود السريع الأخير للنساء في المناصب الأممية الرفيعة –على سبيل المثال، 78%من المناصب الرفيعة في عمليات السلام الأممية تذهب إلى الرجال، بشكل عام منذ 1996 – يؤشر إلى أن مجموعة المرشحات النساء القادرات متوافر ولكنه غير مستغل. غير أنه خلف الأرقام القوية للنساء اللاتي يشغلن مناصب رفيعة عموماً، يقول خبراء إنه ما زالت هناك تحديات أمام تحقيق المساواة بين الجنسين، وخاصة في التعيين في مهام ميدانية في مجال حفظ السلام والمهمات الأمنية. 
ولعل أكبر تحد، يضيف هؤلاء الخبراء، لا يختلف عما يواجهه القطاعان العام والخاص في بلدان حول العالم عندما يسعيان إلى رفع عدد النساء في المناصب القيادية، ألا وهو: الاحتفاظ بالنساء في مسارات وظيفية لفترة تكفي لتطوير مرشحات قويات للقيادة، على الرغم من الضغوط الداخلية وضغوط رعاية الأسرة التقليدية. 
وتقول أميرة حق، التي كانت وكيلة أمين عام الأمم المتحدة لإدارة الدعم الميداني عندما تقاعدت في 2014:« إن التركيز على موضوع المساواة بين الجنسين... أخذ يعطي نتائج جيدة على مستويات القيادة»، مضيفة« ولكن لا بد من القيام بالمزيد من أجل بناء خط أنابيب صحي للنساء اللاتي يمكن إعدادهن وتأطيرهن وتدريبهن من أجل هذه المناصب القيادية».
المتخصصون الذين يدرسون مسار توظيف النساء والإبقاء عليهن وترقيتهن في الأمم المتحدة يؤكدون ما ذهبت إليه حق من أنه على الرغم من التقدم المعتبر الذي تحقق، إلا أنه ما زالت هناك عراقيل أمام صعود النساء إلى المناصب العليا. وفي هذا السياق، تقول بيج آرثر، نائبة مدير مركز التعاون الدولي التابع لجامعة نيويورك: «إن الهوة الحقيقية تظل على مستوى الإدارة الوسطى في الأمم المتحدة»، مضيفة:«إننا نعلم أن النساء يأتين إلى النظام بأعداد كبيرة، ولكن عندما يحصلن على نحو خمس سنوات من الخبرة، يبدأن في مغادرة الأمم المتحدة. ونتيجة لذلك، هناك عدد أقل من المرشحات لمستوى القيادة العليا». 
وفي الأثناء، يواصل غوتيريش السعي وراء هدف المساواة بين الجنسين. وعلى الرغم من التقدم المعتبر الذي أحرزه داخل الأمم المتحدة، إلا أن كبير الدبلوماسيين الأمميين يعترف بالعقبة الكأداء التي أمام النساء، ولاسيما في مناطق النزاعات. 
فضمن فعالية نُظمت الشهر الماضي لإحياء ذكرى قرار الأمم المتحدة التاريخي حول النساء والسلام والأمن، أشار غوتيريش إلى أنه خلال 2018، شكلت النساء 13% في المئة فقط من المفاوضين، و3% في المئة من الوسطاء، و4% من الموقعين في تسوية النزاعات. ليخلص الرجل الذي حقق قفزات كبيرة في المساواة بين الجنسين داخل الأمم المتحدة إلى أنه «لا بد لهذا أن يتغير!».
*صحافي أميركي متخصص في الشؤون الدبلوماسية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»