في عام 2006 أثار البعض عاصفة سياسية في الولايات المتحدة، على خلفية شراء شركة «موانئ دبي العالمية» لشركة «بي آند او» البريطانية، والتي بموجبها كانت ستدير «موانئ دبي» ستةَ موانئ أميركية. وقد صاحبت تلك العاصفة تظاهراتٌ مغرضة، كما اعترض أعضاء في الكونغرس متذرعين بأسباب أمنية (!).. فكانت المرة الأولى التي تشهد فيها مثل تلك الحملة الشعواء ضد ملكية شركة أجنبية لموانئ أميركية، خاصة وأنها شركة عربية، ولم يمضِ حينها سوى خمس سنوات على أحداث 11 سبتمبر. وهذا ما دفع «موانئ دبي» إلى بيع كامل حصتها في الموانئ الأميركية لمجموعة «أي. آي. جي العالمية» في عام 2007، وقال حينها أحد المسؤولين في «موانئ دبي»: «إذا كان الأميركيون لا يرغبون في الصفقة، لا بأس، علينا التحرك فلدينا الكثير من الأعمال بحاجة إلى إنهاء، ولا وقت لدينا للسياسة». وتلك كانت رسالة واضحة للعالم بأننا أهل عمل وبناء، أما التصارع مع الآخرين فليس من اهتماماتنا.
مثال تلك العاصفة رغم قِدمها يدل على مدى التفوق الذي وصلنا إليه في الإمارات، وكانت أيضاً فرصة لفهم معنى «العولمة» الذي تدعو إليه الولايات المتحدة، بما فيه ضرورة التنافس الحر. لكن هل تم السماح بالتنافس الحر في تلك الصفقة؟ وأين كانت الشركات الأميركية التي لم تتقدم عند طرح المناقصة، ما أدى إلى فوز شركة عربية؟ على ما يبدو أن معايير العولمة لدى تلك الفئات تختلف في هذه الحالة، ليس خوفاً على مصالحهم فقط، وإنما الخوف والازدراء حيال كل ما هو أجنبي. 
ويعتبر ميناء حيفا الإسرائيلي من أكبر الموانئ الإسرائيلية، وكانت إسرائيل قد فتحت مناقصة لبيع هذا الميناء، فتقدمت شركة «شنغهاي» الصينية، كونها هي مَن قامت بأعمال الصيانة والتوسيعات للميناء، وهذا ما أثار اعتراض الولايات المتحدة على الطلب الصيني لأسباب أمنية تخص سلامة السفن الحربية الأميركية من أية تهديدات، حيث إن ميناء حيفا يُعد المرسى الأول في البحر الأبيض المتوسط للسفن الأميركية، وتهديد الولايات المتحدة بمقاطعة سفنها لهذا الميناء جعل إسرائيل ترفض الطلب الصيني وتعيد فتح المناقصة، والتي من المرجح أن تفوز بها «موانئ دبي العالمية»، حسب ما جاء من أخبار صحافية، حيث سبق للشركة الإماراتية أن أقامت شراكة مع شركة «دوفير تاور» الإسرائيلية لإقامة المشاريع المشتركة لتطوير الموانئ الإسرائيلية والمناطق الحرة، وإمكانية إنشاء طريق شحن مباشر بين «جبل علي» و«إيلات». هذا بخلاف الاهتمام الكبير الذي أبداه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حين زار ميناء حيفا وتفقّد الرصيف حيث ترسو سفينة الشحن الثانية التي وصلت إلى إسرائيل قادمة من دبي، وقال: «هذا يوم تاريخي وهذه ثمار السلام التي يتمتع بها المواطنون الإسرائيليون».
الغريب في الموضوع سعي شركة «يلديريم هولدينغ إيه إس» التركية للدخول في المناقصة لشراء الميناء المذكور، في تناقض مع السياسة التركية المعلنة التي تهاجم اتفاقية السلام الإماراتية الإسرائيلية، وفي الوقت نفسه تزاحم الإمارات للاستحواذ على الميناء الإسرائيلي، لكن حظوظها ضعيفة للغاية عندما تُقارن بحجم الشركة الإماراتية.
ذكرنا الأمثلة السابقة للتأكيد على سياسة الاقتصاد الأزرق الإماراتية التي أثبتت تفوقها على مدى العقود السابقة، وأصبحت من أهم الروافد الحيوية للاقتصاد الإماراتي، ونجاح تجربة الإمارات عبر إدارة الموانئ على مستوى العالم، جعل الكل يرغب في شراكتها. ولا شك من استصغرنا في السابق يدرك اليوم كم كان مخطئاً.