يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة: إن «الإمارات حريصة على تعزيز علاقاتها مع دول العالم»، و«أن الإمارات تسعى لتنمية الروابط مع الدول الصديقة»، ويرى سموه، رجل السلام، أن علاقة الإمارات مع دول العالم، سواء الشقيقة أو الصديقة، تنطلق من الرؤية الإماراتية الراسخة والاستراتيجية والتي لا تخضع لأي من العوامل المتغيرة.
في عام 2014، وحين قال انطوني زيني، القائد السابق للقوات الأميركية الوسطى: «إن العلاقات بين الولايات المتحدة والإمارات هي الأقوى بين الدول العربية»، لم تكن تلك الإشارة الأولى لحجم ومتانة العلاقات الإماراتية الأميركية، بل كانت واحدة من العلامات التي تؤكد المدى الذي بلغته تلك العلاقات الراسخة الوطيدة.
فمنذ أن بدأت العلاقات الإماراتية- الأميركية في العام 1971 بمبادرة أميركا الاعتراف بالاتحاد، وكانت أميركا، وبحكمةِ وبُعد نظر المغفور له الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان «رحمه الله»، ثالث دولة تقيم علاقات دبلوماسية رسمية مع الإمارات، رأى الساسة الأميركيون، وبناء على الدراسات، أن هذه الدولة الناشئة حديثاً آنذاك، سوف تتحول وتتطور وتصبح قوة إقليمية سياسياً وعسكرياً وإقتصادياً، فوضعوا المخططات والبرامج التي تناغمت مع الرؤى والخطط الإماراتية، فأصبحت عقيدة راسخة لا تتبدل ولا تتغير، في الظروف والمتغيرات.
الولايات المتحدة مثل الإمارات، لا ترتبط علاقاتها الاستراتيجية بالدول الأخرى بناء على مواقف محددة أو اتفاق أو اختلاف في وجهة نظر معينة، بل إن هندسة العلاقات الاستراتيجية يعود إلى رؤى عميقة متجذرة، وخطط بعيدة المدى تحسب بدقة متناهية الميزان السياسي والعسكري والاقتصادي والاجتماعي، والجدوى الكلية في المصالح العليا المرتبطة بالدولة الأخرى، فلا تخضع تلك العلاقات لأي من المتغييرات بل تسير وفق الثابت والراسخ للمنظومة الاستراتيجية بين البلدين.
أهم ما يميز العلاقات الإماراتية الأميركية، هي المواقف المشتركة حول محاربة التطرف والإرهاب ومواجهة الجماعات الإرهابية التي تهدد أمن المجتمعات، فترى الإمارات ضرورة نبذ التعصب وتكريس مبادئ السلام والتعايش السلمي لتحقيق الأمن والاستقرار والسلام، وتدعم الولايات المتحدة التوجهات والرؤى الإماراتية التي تهدف إلى تحويل الشرق الأوسط إلى منطقة آمنة خالية من النزاعات ذات الطابع الديني والطائفي والعرقي، وتوّج ذلك بإتفاق السلام بين الإمارات وإسرائيل برعاية أميركية.
يفهم الخبراء المتخصصون في المجالات العسكرية مثلاً أن الموافقة الأميركية على بيع الإمارات 50 مقاتلة متطورة نادرة نوع F35 على أنها نوع من الثقة والدعم الأميركي للقوة الإماراتية، أو نوع من تبادل المصالح، ولكن أيضاً، فإن التعاون الأمني الاستراتيجي بين الإمارات والولايات المتحدة ليس وليد اللحظة، ولا يرتبط بالرئيس الأميركي لشخصه. فمنذ العام 1991 وخلال حرب الخليج الأولى، تنامى التعاون الأمني بين الدولتين وتطورت العلاقات الاستراتيجية الأمنية والعسكرية، من خلال مشاركات وتعاون فعلي على أرض الواقع مثل التعاون في كوسوفو وأفغانستان، وكذلك التعاون في عدد من العمليات العسكرية، ومنها العمليات الحالية ضد «داعش».
لا ننكر أن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب كان له الفضل في التقرب بصورة أكثر تركيزاً من الشرق الأوسط والخليج عموماً ومن الإمارات على وجه التحديد، وكان دائم الاتصال والتنسيق عبر إدارته في البيت الأبيض، وسعى جاهداً للتوفيق بين الإمارات وإسرائيل على الأسس التي تخدم المصالح الإماراتية، ولكن الحقيقة أن هذا الاقتراب، الذي وجدت فيه الإمارات ما يحقق رؤيتها الشاملة للمنطقة، هو جزء لا يتجزء من السياسة الأميركية منذ أكثر من 70 عاماً، ولم يتخل أي من الرؤساء الأميركيين عن هذه المهمة، التي لا تمثل وجهة نظر حزب أميركي معين، بقدرر تمثيلها لوجهة النظر الأميركية، بإنهاء النزاع في الشرق الأوسط وتحقيق السلام.

لا شك أن الدبلوماسية الإماراتية بقيادة سمو الشيخ عبد الله بن زايد، وبتوجيهات من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، قد لعبت الدور الأبرز في تخطيط شبكة متقدمة من العلاقات مع الجانب الأميركي، فقامت، ومن خلال الكفاءات الدبلوماسية الإماراتية، ببناء صداقة وطيدة وتحالف قوي وشراكة راسخة بين الإمارات وأميركا، أساسها المصالح العليا والتطلعات الحثيثة لمستقبل آمن في المنطقة، مبني على قيم التعايش السلمي والتسامح، فأنتجت إلى جانب الموضوعات السياسية والاقتصادية، جوانب اقتصادية عملاقة تبدو بحجم التجارة الثنائية بين البلدين وحجم الاستثمارات، وكذلك في مجال الطاقة النووية للأغراض المدنية والسلمية، وكذلك العلاقات الرسمية والشعبية الثقافية والتعليمية، وفي كافة المجالات الأخرى الحيوية.