مع انتشار العديد من التطبيقات والحسابات الوهمية على منصات التواصل الاجتماعي المُروِّجة للتطرف، سواءً من جانب جماعة «الإخوان» وحركات الإسلام السياسي التي تدور في فلكها، أو من جانب جماعات وأحزاب اليمين المتطرف في أوروبا، بات يتعين على شركات التكنولوجيا العالمية مثل «آبل» و«غوغل» و«فيسبوك» التحرك بشكل جاد لوقف زحف هذه التطبيقات والبرامج، التي باتت تهدد قيم التعايش والتسامح والتقارب بين الشعوب والثقافات. 
قبل أيام طالبت العديد من الأوساط السياسية والأمنية في أوروبا شركتي «غوغل» و«آبل» بحذف تطبيق «يورو فتوى Euro Fatwa» من متجريهما، خاصة أن التطبيق يروج لتطرف جماعة «الإخوان» في أوروبا، وأعلنت، بالتزامن مع هذا، شركة «فيسبوك» أنها فككت سبع شبكات منفصلة من الحسابات الوهمية والصفحات الزائفة على صلة بجماعة «الإخوان» كانت تنشط في العديد من دول المنطقة والعالم، وتروج لمحتوى مشحون بالفكر المتطرف الذي يحرّض على الإرهاب؛ وهذا يكشف بوضوح خطورة التوظيف السلبي لمنصات التواصل الاجتماعي من جانب جماعة «الإخوان» ليس فقط في نشر فكرها، وإنما أيضاً في التحريض ضد العديد من الدول، من أجل النيل من رموزها والتشكيك في مواقفها. 
ولا يقتصر التوظيف السلبي لهذه المنصات على الجماعات الإسلاموية، وإنما يتضمن أيضاً قوى وأحزاب اليمين المتطرف التي تعتمد بدرجة كبيرة على هذه المنصات في الترويج لأفكارها المعادية للآخر، وقد وصل الأمر في خطورته إلى حد قيام بعض المتطرفين من الجانبين – الإسلامويين والمتطرفين اليمنيين – ببث جرائمهم عبر هذه المنصات كما حدث في جريمة قتل المدرس الفرنسي «صمويل باتي»، وكما حدث أيضاً في العمل الإرهابي الذي استهدف مسجدين وسط مدينة «كرايست تشرش» في نيوزيلندا عام 2019، والذي بُثَّت وقائعه على «فيسبوك»، وتم تداولها ملايين المرات، مما دفع رئيسة وزراء نيوزيلندا جاسيندا أرديرن إلى التساؤل آنذاك عن مدى أخلاقية توظيف هذه المنصات في بث هذه الجرائم، ودفع إدارة «فيسبوك» إلى سحب 1.5 مليون مقطع فيديو للهجوم عبر العالم. 
إذا كانت شركات التكنولوجيا العالمية قد أسهمت من خلال تطبيقاتها ومنصات الإعلام الرقمي المختلفة في تيسير التواصل والتفاعل بين البشر، فإنها يجب أن تتصدى بحزم لمحاولات التوظيف السيء لها، وتفويت الفرصة على الجماعات المتطرفة، سواء كانت إسلاموية أو يمينية تسعى إلى إذكاء الصدام بين الأديان، وتدمير أسس ومرتكزات التعايش بين الثقافات. 

*مركز تريندز للبحوث والاستشارات