اختُتمت، يوم أمس، فعاليات الدورة الـ39 من معرض الشارقة الدولي للكتاب الذي أقيم في مركز إكسبو الشارقة خلال الفترة من 4 وحتى 14 نوفمبر الجاري، تحت شعار «العالم يقرأ من الشارقة»، وقد حققت الدورة كعادتها نجاحاً مميزاً بمشاركة نخبة من الأسماء الأدبية والثقافية والفكرية، العربية والأجنبية، حيث شهد المعرض مشاركة أكثر من 60 كاتباً وأديباً عربيّاً وأجنبيّاً، جاءوا من 19 دولة، وأسهموا بتقديم 64 ندوة ثقافية وحوارية، إضافةً إلى أكثر من 1024 ناشراً من مختلف دول العالم.
ويعد هذا المعرض السنوي واحداً من أكبر معارض الكتاب في العالم، حيث واصل في دورته الـ39 عرض الكتب والمنشورات، ولأول مرة في تاريخه، نُظمت جميع المحاضرات والورش المرافقة هذا العام عن بُعد عبر منصة «الشارقة تقرأ»، وذلك انسجاماً مع الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها دولة الإمارات العربية المتحدة، للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد «كوفيد-19»، وفي الوقت نفسه ظلت أبواب المعرض مفتوحة أمام زواره من عشاق الكتاب للوصول إلى عناوينهم المفضلة، وزيارة دور النشر.
ونجحت إدارة المعرض في تنظيم هذا الحدث الكبير باتخاذها حزمةً من الإجراءات والتدابير الوقائية التي تم تطبيقها، من خلال توفير بوابات تعقيم وماسحات حرارية موزعة على جميع مداخل مركز إكسبو، إضافة إلى تعقيم قاعات وأروقة المعرض لمدة 5 ساعات يوميّاً، وشملت الإجراءات إلزام المشاركين والزوار بارتداء الأقنعة، وقد تم توفيرها مجاناً طوال أيام المعرض، كما تم تطبيق سياسة التباعد الجسدي، وتوزيع ملصقات إرشادية في أرجاء المكان لتوجيه الزوار بمسافة الأمان المطلوبة، وخصصت إدارة المعرض نظاماً إلكترونيًاً ذكيًاً لإدارة وتنظيم الزيارات على أربع فترات خلال اليوم، عبر منح الزوار «سواراً» بألوان مختلفة تحدد فترة وجودهم في المعرض، بإشراف مجموعة من المتطوعين على مراقبة الالتزام بالقواعد والإجراءات الاحترازية المنصوص عليها.
ومما لا شك فيه أن الدورة الـ39 من معرض الشارقة الدولي للكتاب هذا العام، والتي عقدت على الرغم من الظروف الاستثنائية التي فرضتها جائحة «كوفيد-19»، تعد إضافة مهمة إلى سجل النجاحات التي حققها المعرض على مدى السنوات الماضية، ويعود التميز الكبير الذي يتمتع به معرض الشارقة الدولي للكتاب إلى الرعاية الكبيرة له من قِبل صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، المفكر والباحث قائد النهضة الثقافية والحضارية في إمارة الشارقة، التي غدت بفضل جهوده منارة للثقافة العربية، وملتقى لآلاف القرّاء والمثقفين، وفي لفتة كريمة من سموه، وجَّه بإعفاء جميع دور النشر المشارِكة في هذه الدورة من رسوم إيجارات الأجنحة المترتبة نظير مشاركتهم في المعرض، وذلك لما تلمّسه سموه من ضرورة دعم هذه الدور في ظل ما يشهده العالم من تداعيات الجائحة، وقد بلغت قيمة هذه الإعفاءات نحو 6 ملايين درهم، وهي تعد بالنسبة إلى دور النشر المشاركة دعماً أساسيّاً ورافداً حقيقيًّا لديمومة عملها وعطائها. 
وفي الواقع، فإن معرض الشارقة الدولي للكتاب الذي بات مناسبة دورية للقاء كبرى دور النشر في العالم العربي ودور النشر العالمية، ومناسبة لفعاليات ثقافية كبيرة تستقطب اهتماماً واسعاً، يتطور بشكل لافت للنظر من عام إلى آخر، وهو يؤشر إلى ما يشهده الميدان الثقافي الإماراتي من تطورات كبيرة لجهة إحداث نهضة ثقافية نوعية، تمثل إضافة إلى مصادر القوة الشاملة التي تتمتع بها الدولة. 
إن معرض الشارقة الدولي للكتاب يمثل حدثاً سنويّاً يكرس مكانة الشارقة الثقافية في منطقة الخليج العربي والعالم العربي والعالم، وهو إضافة مميزة إلى الحركة الثقافية في دولة الإمارات التي تولي أهمية كبيرة لتطوير المجال الثقافي، من خلال مبادرات متتالية، على نحو أصبحت معه الثقافة مصدراً مهمّاً من مصادر القوى الناعمة للدولة خلال الفترة الأخيرة.

* عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.