تستقبل الرياض، غُرة الأسبوع القادم، قمة دول العشرين المزمع عقدها السبت والأحد 21 و22 نوفمبر من هذا الشهر، وتجري الاستعدادات التحضيرية لها من عدة جهات رسمية في المملكة العربية السعودية، ولا شك أن الإعلام ومن ينتسب إليه من صحفيين وكتاب على رأس المهتمين والراصدين للقمة وما ستخرج به في دورتها الحالية.
مجموعة العشرين هي أكبر منتدى للتعاون الاقتصادي الدولي، وتضم قادة من جميع القارات، وتمثل دولها الأعضاء ما يقارب 80% من الناتج الاقتصادي العالمي وثلاثة أرباع حجم التجارة العالمية. ويجتمع ممثلو دول المجموعة لمناقشة القضايا المالية والاقتصادية والاجتماعية. وتركز هذه القمة على عدة أهداف، أهمها اتخاذ كافة الجهود والتدابير لمكافحة جائحة كورونا على الصعيد الصحي، والمساعدة في حماية الأرواح وتشكيل مستقبل أفضل، وذلك من خلال تخصيص أكثر من 21 مليار دولار أميركي منذ بداية الأزمة لأدوات التشخيص واللقاحات والعلاجات من أجل البشرية، حيث سارعت دول مجموعة العشرين للقيام بكل ما يلزم لحماية المنشآت والتجارة والوظائف والصناعات حول العالم، فضخت خمسة تريليونات دولار في بداية الجائحة، وتعهدت بتقديم مساهمات مالية جديدة واستثنائية طوال العام، فبلغ مجموع هذه المساهمات حتى الآن أكثر من 11 تريليون دولار لحماية الاقتصاد العالمي والنظم المالية، إلى جانب التدابير الاقتصادية وخطط الضمان لمكافحة التبعات الاجتماعية والاقتصادية والمالية للجائحة. كما تشكل قضية الحفاظ على كوكب الأرض أهمية كبرى ضمن محاور جدول أعمال رئاسة مجموعة العشرين، لضمان مستقبل مستدام للعالم أجمع. ويعتمد عمل مجموعة العشرين على مسارين مهمين: المسار المالي، ويختص بجميع اجتماعات وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية، وهو يركز على القضايا المالية، مثل السياسات المالية والنقدية، والاستثمار في البنية التحتية، والرقابة على النظم المالية، والشمول المالي، والضرائب الدولية. أما المسار الثاني فيركز على القضايا الاجتماعية والاقتصادية، مثل الصحة والتعليم والتجارة وتمكين المرأة والتوظيف والزارعة والمياه والبيئة ومكافحة الفساد، التي أُضيفت لأول مرة هذا العام.
وتتّبع مجموعة العشرين تقليداً قوياً للحد من المخاطر البيئية وتقليص التحديات الاقتصادية والاجتماعية وطرحها على طاولة نقاشاتها، حيث تتشكل داخل المجموعة (G20) مجموعات متعددة للتواصل، تقودها منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص من دولة الرئاسة، وتعمل مع المنظمات الأخرى من الدول الأعضاء من أجل تطوير السياسات الموصى بها، والتي يتم رفعها بصورة رسمية عن طريق رئاسة المجموعة إلى قادتها العشرين للنظر فيها. وقد عملت الرئاسة مع مجموعات التواصل، طوال هذا العام، في المملكة العربية السعودية لتضمين وجهات نظر المجتمع المدني والقطاع الخاص في مواضيع مختلفة، فاجتمعت مجموعات التواصل خلال عام 2020 بانتظام، لمناقشة وتطوير التوصيات التي تعكس وجهات نظر المجتمع المدني ومجتمعات الأعمال، على الرغم من الظروف الاستثنائية التي سببتها جائحة كورونا وما تبعها من احترازات وإغلاق وصعوبات في التواصل مع الجهات الأكاديمية بشأن القضايا ذات الصلة بجدول أعمال رئاسة مجموعة العشرين. وبالرغم من ذلك، فقد واصلت مجموعات التواصل الثمانية جهودها الاستثنائية والتزامها بتقديم نتائج أعمالها. فرفعت مجموعة تواصل الأعمال (B20)، وتمثل المجتمع الدولي للأعمال، توصياتها التي ركزت على التحول لتحقيق نمو شامل. ودعت مجموعة تواصل الشباب (Y20)، وهي تمثل القيادات العالمية الشابة في دول مجموعة العشرين، من أجل اتخاذ إجراءات في ثلاثة مجالات شاملة: الجاهزية للمستقبل، وتمكين الشباب، والمواطنة العالمية. وقدمت مجموعة تواصل العمال (L20) التي تجمع ممثلي نقابات العمال من دول مجموعة العشرين، توصياتها الواردة في بيانها حول التعافي المتين ونظم الحماية الاجتماعية، وسياسات سوق العمل. كما أصدرت المجموعة الممثلة للمجتمع الأكاديمي مجموعة الفكر (T20) توصيات توفر حلولاً قائمة على الأدلة، من شأنها تعزيز التعاون الدولي متعدد الأطراف لصالح الاقتصاد الرقمي والطاقة المستدامة، وتخفيف آثار جائحة فيروس كورونا المستجد على العمال. كما رفعت مجموعة تواصل المجتمع المدني (C20) توصياتها بشأن الاستجابة والتعافي من جائحة كورونا، والعدالة الاقتصادية والاجتماعية، وتحسين حالة الإنسان وكوكب الأرض. وجمعت مجموعة تواصل المرأة (W20) أكثر من محور حول المساواة بين الجنسين، كمحرك للنمو المستدام والشامل، وتعزيز التنمية الاقتصادية للمرأة والشمول المالي والرقمي، والتوظيف، وريادة الأعمال. أما مجموعة تواصل العلوم (S20)، وهي المجموعة الممثلة للمجتمع العلمي، فعرضت مقترحاتها التي ركزت على مستقبل النظم الصحية، والثورة الرقمية. كذلك ركزت مجموعة تواصل المجتمع الحضري (U20)، التي يمثلها عُمَدُ المدن والتي تسلط الضوء على وجهات نظر المجتمع الحضري، حول مواضيع كالعمل البيئي والنمو الاقتصادي المستدام، لتحقيق الأمن والاكتفاء لمجتمعات مزدهرة.
وينتظر العالم قمة العشرين وما ينتج عنها على المستوى الاقتصادي والاجتماعي من حلول مستدامة للمشاكل البيئية والصحية والاقتصادية التي يواجهها كوكب الأرض، ولمواجهة جائحة كورونا على قائمة أولويات المنتدى كتجربة يخرج منها العالم أجمع أكثر قوة وصلابة في مواجهة أي أزمات مستقبلاً!