يشير مصطلح الظاهرة الترامبية إلى كونهِ أحد نماذج الشعبوية، فشخصية الرئيس ترامب التي لا تحمل خلفية سياسية، سوى أنها ترتكز على قاعدة الحزب «الجمهوري»، استطاعت تمثيل الشعبوية الأميركية البيضاء، لاسيما الطبقة العاملة المتوسطة والفقيرة، علاوة على أن خطاباته جذبت وطافت على مختلف فئات الناخب الأميركي عبر فرص العمل والمال، و«أميركا أولاً»، وقضايا وقيود الهجرة، فيما لعبت مسائلهُ وقضاياهُ وأعماله الشخصية دوراً في ميل الناخب إليه، من منطلقات حقيقة كون معظم الشعب الأميركي متأثراً بمختلف أنواع الدراما الفنية. والحديث عن الظاهرة الترامبية أصبح مثالاً لبروز أهمية دور وخصائص وعقائد وتصورات صناع القرار، فالكل أدرك بأن شخصية ترامب كان لها حضور كبير في عمل المؤسسات في الجوانب الداخلية والخارجية. ما يهمنا هنا هو أن الظاهرة الترامبية تقدم محفزاً إلى معرفة المزيد عن البنية الشعبية في جوانبها المهددة للأمن الأميركي.
فقد اعتمدت الولايات المتحدة على اللغة في صهر مختلف العرقيات في بوتقة واحدة، مع بقاء السمات الثقافية المختلفة، إلى جانب كونها دولة الحرية والرفاه. وفي تركيزنا على الفقراء نكتشف مدى وجود سخط شعبي كبير على الأوضاع القانونية والعملية والمعيشية، حيث نكون أمام حالتين، الأولى، الأميركيون من غير البيض الذين يعيشون أوضاعاً فقيرة ومستوى تعليمياً متدنياً، وبالتالي من الطبيعي ارتكابهم الجرائم، حيث تضيق السجون بأعدادهم الكبيرة. والحالة الثانية هي الأميركيون البيض الفقراء ومتوسطو الدخل، فجزء كبير من هؤلاء يتجهون في سخطهم نحو سلوكيات الفاشية، حيث يرون بأنهم ضحية المهاجرين، على الرغم من أنهم هم أيضاً من المهاجرين، ويعتقدون بأنهم مهددون بانهيار نمط حياتهم، وبأن العرق الأبيض هو المؤسس والنافذ في السلطة والمتفوق جينيّاً. وهذه المعتقدات أهم أسباب التمييز العنصري وخاصة ضد السود، الذي أفرز «حركة حياة السود مهمة»، مقابل خروج مليشيات بيضاء مسلحة تقف وراء دعمها أطراف يمينية متطرفة غنية، وهناك أيضاً مليشيات سوداء متطرفة بدأت تخرج للعلن، وهذه المليشيات خطرة في بلاد تتيح تملك السلاح الشخصي. 
فالولايات المتحدة الأميركية تعتبر دولة رفاه، فهي تؤمن بأن واجبها الحكومي هو ضمان الحد الأدنى من مباهج الحياة، لذا من الطبيعي أن تتدخل الحكومة المركزية والحكومات المحلية من أجل مزيد من سياسات الدعم والإنفاق الحكومي نحو تقديم العون للفقراء والمشردين، ودعم التعليم والعمال والرعاية الصحية والإسكان، وتحسين قطاعات الفقراء كالزراعة والمصانع والمحلات الصغيرة، وزيادة عدد النقابات العمالية وحضورها، ناهيك عن أهمية إعادة النظر في التشريعات لتحقيق العدالة. وتدخل الحكومة المركزية والحكومات المحلية أمر يحدث دائماً، فعلى سبيل المثال قدمت إدارة أوباما دعماً كبيراً للشركات الكبرى والبنوك لإنقاذها من الإفلاس، وخفّفت إدارة رونالد ريجان الضرائب عن الأسر والأفراد.
وهناك الكثيرون ممن يتنطعون في القول إن الولايات المتحدة ستتحول إلى سياسات اشتراكية يسارية، ما سيفقدها القوة والريادة، مستنداً في ذلك إلى تأثيرات المفكر نعوم تشومسكي والسياسي بيرني ساندرز، ودور حركة «أنتيفا» ذات الميول الاشتراكية والليبرالية. حقيقةً، لا توجد دولة صناعية ديمقراطية متقدمة رأسمالية ليست بها سياسات وجوانب اشتراكية في القطاعات المهمة مثل الصحة والدعم الاجتماعي وتوفير العمل، أي أن الرأسمالية تجيد الحفاظ على نفسها من خلال فلسفة الطريق الثالث «امتزاج الرأسمالية بجوانب اشتراكية»، التي تؤدي إلى تماسك الأمة اجتماعياً وسياسياً، ولعل الصين استثناء، فهي تمزج الشيوعية بالرأسمالية.