في أوائل الربيع، ومع بداية زحف «كوفيد - 19»، عبر الولايات المتحدةَ وصفُ الرئيس دونالد ترامب الفيروسَ بأنه تحد وجودي، حيث قال: «إننا في حرب. إننا نخوض حرباً بالمعنى الحقيقي»، مضيفاً: «وأعظم شيء يمكن أن نفعله هو الفوز في الحرب. الحرب ضد الفيروس. تلك هي الحرب». 
وكان ترامب على حق. لكن مؤخراً، وردت أخبار مثيرة ومشجعة قادمة من ساحة المعركة. فقد أعلنت ثلاث شركات، هي «فايزر» و«بيونتيك» و«موديرنا»، عن نتائج واعدة من تجارب المرحلة الأخيرة للقاحات ضد كوفيد - 19. وإذا مضى كل شيء على ما يرام، فإنها قد تصبح متاحةً عموماً في بداية العام المقبل. 
غير أننا حتى الآن كنا بصدد خسارة هذه الحرب. ذلك أن فيروس كورونا ما زال يحطم أرقاماً قياسية بخصوص عدد الإصابات وحالات الاستشفاء على الصعيد الوطني. ويمكن القول، إن انتشاره خرج عن السيطرة في كل الولايات تقريباً عدا اثنتين هما فيرمونت وماين. وفضلاً عن ذلك، فإن عدداً كبيراً من المصابين الناجين من كوفيد - 19، وعددهم في البلاد 12.2 مليون، يعانون أضراراً في القلب والرئة والدماغ وأمراض أخرى، في حين مات قرابة 250 ألف أميركي جراء المرض. 
والواقع أن الرد الفدرالي الضعيف وغير المنسق سمح لكوفيد - 19 بإلحاق ضرر أكبر بكثير مما كان من يفترض أن يحدث. وفي المرة المقبلة -لأنه من دون شك ستكون هناك أزمات من نوع ما في المستقبل- ينبغي أن يكون ردنا أفضل. غير أن الرئيس المنتخب جو بايدن ستكون لديه قريباً فرصة لإعادة ضبط شروط الاشتباك، وإحدى الخطوات الأولى القوية التي يمكن أن يقوم بها في هذا الصدد تتمثل في إصلاح وزارة الأمن الداخلي وتغيير تموضعها من أجل المساعدة على معالجة النواقص العديدة التي كشف عنها كوفيد - 19 في ما يتعلق بالصحة العامة والبنية التحتية وأماكن العمل. 
وزارة الأمن الداخلي كانت قد أُنشئت في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001 كوكالة لمحاربة الإرهاب. وخلال رئاسة ترامب، تولت مسؤوليات إضافية ومثيرة للجدل تتعلق بمراقبة الحدود وتطبيق سياسة الهجرة. وفي إدارة يرأسها بايدن، يمكن القول، إن مهمة الأمن الوطني التي ستتولاها وزارة الأمن الداخلي ستتغير تغيراً مهماً. إذ يمكن أن يمنح البيت الأبيض الوكالةَ سلطات لتنسيق الموارد ومبادرات عدد من الوكالات الفدرالية، بما في ذلك وزارات الخزانة والنقل والصحة والخدمات الإنسانية والعمل والتعليم، من أجل دعم الجاهزية الوطنية في مجالات حيوية مثل الصحة العامة، والسلامة في أماكن العمل، والبنى التحتية. 
وإلى ذلك، يمكن أن تشرف وزارة الأمن الداخلي أيضاً على الاستثمارات الفدرالية التي تستهدف هذه المجالات وتساعد في تنسيقها، مثل إنشاء شبكة وطنية للمستشفيات العامة والعيادات الطبية، ومراقبة أقوى للأوبئة الممكنة، وتحسين وسائل النقل العام، والوصول الرقمي إلى المناطق الحضرية والريفية ذات الدخل المنخفض. ولا شك في أن من شأن إنشاء صندوق استثمار لفائدة وزارة الأمن الداخلي بهدف المساعدة على تمويل جهودها أن يمنح الوزارة تأثيراً إضافياً ويساعد البلاد على إعادة تحديد معنى «الأمن الوطني» في عالم ما بعد كوفيد - 19. 
إن جاهزية أميركا لحرب الصحة العامة التالية ستقاس بالسرعة التي ستستطيع بها الحكومة التعرف على العدو، وتسخير الموارد، بما في ذلك المهنيون الطبيون، والعيادات، والمستشفيات، والعلاجات، وتثقيف المواطنين بشكل مناسب بخصوص أفضل السبل للرد على الأزمة. وبالتالي، فإن الفهم والاستعداد والإدارة الجيدة، وجميعها كانت غائبة عن سجل البيت الأبيض هذا العام، ستكون أساسية. 
بيد أنه حتى ينجح كل هذا، ينبغي أن يكون لدى وزارة الأمن الداخلي التي سيعاد تشكيلها دعمٌ رئاسي قوي، وأن يقودها مدير قادر على التغلب على المعارك الداخلية الممكنة بين الوكالات المختلفة التي يتولى التنسيق بينها. كما سيقوم مدير وزارة الأمن الداخلي بجلب تأثير إضافي جديد إلى الوزارة عبر إدارة صندوق. ومثل هذه المحفظة الاستثمارية، التي تديرها الحكومة نيابةً عن الشعب الأميركي، ليست فكرة جديدة. ذلك أن بلدانا كثيرة تمتلكها، بل وحتى بعض الولايات الأميركية. 
ولا شك في أن وزارة أمن داخلي تمتلك صلاحيات كبيرة في التنسيق والتمويل اللازم لترجمة المقاربات السياسية المبتكرة إلى واقع، من شأنها مساعدة أميركا على استشراف الأزمات، وتوفير القيادة والموارد للتعاطي معها حين تأتي. 
غير أن حرب كوفيد - 19 الحالية لن يتم الفوز بها إلا بعد أن نتكبد خسارةً لم نكن نتخيّلها في الأرواح والمعاناة الاقتصادية. وبالتالي، ينبغي أن يكون هذا نداءً ودعوة للانتباه واليقظة. ولنبدأ من الآن التخطيط للحرب المقبلة وللفوز بها!

تيموثي أوبريان ونير كايسر

كاتبان أميركيان 
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»