«شاب، محنك، وأذكى زعيم في الخليج، لم يُنمق الكلمات في وصف كيفية تلقي الأخبار في المنطقة» بهذه الكلمات وصف الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، في كتابه «أرض الميعاد» الذي صدر قبل أيام صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب قائد الأعلى للقوات المسلحة، وهي كلمات تكشف بعض سمات القيادة الكاريزمية التي يمتلكها سموه، وتجعل منه واحداً من أهم القادة المؤثرين في المنطقة والعالم، فهو يتمتع بالذكاء الحاد والقدرة على القراءة الواقعية للأحداث واستشراف مآلاتها المستقبلية، فمواقفه تجاه الأحداث والقضايا المختلفة تتسم بالصراحة والمكاشفة وتبتعد عن المواربة والمجاملة، ولهذا يحظى سموه دائماً بتقدير واحترام قادة العالم أجمع، الذين يحرصون دوماً على الاستماع إلى رؤاه والاسترشاد بها في التعرف على قضايا المنطقة وكيفية التعامل معها. 
لقد جاءت كلمات باراك أوباما في سياق الحديث عن مواقف الشيخ محمد بن زايد حين مارست الإدارة الأميركية إبان ما يسمى «أحداث الربيع العربي» ضغوطاً على الرئيس المصري الراحل محمد حسني مبارك للتنحي ومن الاحتجاجات المشبوهة في مملكة البحرين الشقيقة، وهي مواقف لا تعبر فقط عن الحكمة والخبرة في التعامل مع هذه النوعية من الأحداث الفارقة والمفصلية والإلمام بأبعادها المختلفة، والتحذير من تداعياتها على أمن واستقرار دول المنطقة بأسرها، وإنما أيضاً من القدرة على التنبؤ بمساراتها المستقبلية. لقد أشار أوباما في كتابه إلى أن الشيخ محمد بن زايد (حذر من أنه إذا سقطت مصر وتولى «الإخوان» زمام الأمور فإن ذلك سيؤثر على أمن واستقرار المنطقة بأكملها). بل إن أوباما اعترف بأن هذا التحذير كان في محله حينما قال: «تماماً كما توقع محمد بن زايد، خرجت مظاهرات في عاصمة مملكة البحرين المنامة». واعترف أوباما أيضاً أن «تعامل إدارته مع أحداث المنطقة كان فوضوياً، ولم يكن منطقياً»، وهذه شهادة تؤكد بالفعل أن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ينتمي لنوعية القادة المحنكين سياسياً، أصحاب النظرة الاستراتيجية الثاقبة والقرارات الشجاعة في التعامل مع الأحداث مهما كانت خطورتها والتداعيات الناجمة عنها، وهذا ما ظهر بوضوح في رؤية سموه العميقة للتطورات التي مرت بالمنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط منذ عام 2011 ودوره البارز في صياغة التعامل معها، ليس فقط على مستوى دولة الإمارات وإنما أيضاً على المستوى العربي بشكل عام، بما حفظ المنطقة من الانزلاق إلى حالة الفوضى وعدم الاستقرار الذي كان يمكن أن تهدد مرتكزات الدولة الوطنية في عالمنا العربي. 
شهادة الرئيس السابق باراك أوباما في كتابه «أرض الميعاد» تأتي بعد أسابيع من تسريب رسائل البريد الإلكتروني لوزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون، والتي كشفت خلالها أيضاً عن الموقف الحاسم الذي اتخذته الإمارات في الدفاع عن مملكة البحرين الشقيقة ورفضها للضغوط الأميركية، حينما رد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي على موقف الولايات المتحدة المعارض لإرسال قوات «درع الجزيرة» إلى البحرين آنذاك بتأكيد سموه أن ذلك «شأن خليجي داخلي، وأن إرسال قوات سعودية إماراتية إلى البحرين جاء بناء على طلب حكومة البحرين، والهدف هو استعادة النظام»، وكل هذا إنما يثبت بوضوح أن دولة الإمارات أخذت على عاتقها في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ المنطقة الدفاع عن أمن واستقرار الدول الشقيقة والصديقة في مواجهة كافة الضغوط والمؤامرات التي كانت تتعرض لها آنذاك.
قبل أشهر وصف الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب، صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، بأنه «مقاتل عظيم»، وأكد أن قيادة دولة الإمارات تحظى باحترام كبير للغاية. وخلال الزيارة التاريخية التي قام بها الشيخ محمد بن زايد إلى جمهورية الصين الشعبية العام الماضي أطلق أبناء الشعب الصيني على سموه لقب «سور العرب»، وهذا إنما يعكس ما يحظى به سموه من تقدير وما يتمتع به من مكانة دولية مرموقة، وهذا لم يأت بالطبع من فراغ، وإنما نتاج مواقفه العظيمة ورؤيته الحكيمة والهادئة والمتوازنة التي تنحاز دوماً للأمن والاستقرار، وتتصدى للفوضى مهما كانت مصادرها والجهات الداعمة لها، ولمبادراته الإنسانية والحضارية التي تعزز من قيم السلام والتعايش والحوار بين الثقافات والأديان، وتتصدي لخطاب الكراهية والتعصب والتطرف في كل مكان، ولهذا من الطبيعي أن تترسخ صورته باعتباره نموذجاً ملهماً للقادة المؤثرين والفاعلين عالمياً.
*إعلامي وكاتب إماراتي