نعم، ببساطة أظهرت الإمارات أن معدنها أصيل، وفي الأزمات تظهر معادن الدول، هذه حقيقة ثابتة، ففي هذه الأيام وبالتزامن مع اليوم الوطني الخالد في وجداننا، الذي أسس لدولة قوية وضعت بصمتها في كل أرجاء المعمورة، ينطلق الكُتاب والصحفيون والباحثون في إحصاء إنجازات الإمارات على مدى العام، لكننا هنا سنتناول الجانب الأبرز الذي أظهر مكانة الدولة المكتملة الأركان، حيث استطعنا تحقيق منجزات عدة على الأرض وحتى في الفضاء، لكن الإنجاز الأبرز كان على قدر المسؤولية في التعامل مع التحدي الذي واجه العالم وهو وباء كورونا. 
عام 2020 لم يكن سهلاً على الإطلاق وخلق تحدياً عالمياً، تحدياً صحياً تجسد في وباء حل ضيفاً مزعجاً على البشرية، وهدد الجميع دون استثناء، لم يفرق بين الدول والبشر، فيما ترتب على ذلك من ضائقة اقتصادية وأزمة لم تستثن أحداً، فالجميع تأثر والأعمال توقفت وشركات عالمية كبرى تعرضت لخسائر كارثية وقطاعات حيوية كادت تنهار. 
هنا في الإمارات تم التعامل مع أزمة كورونا بجدية من خلال خطط ذكية وضَعت الإنسانَ في المقدمة، وانطلاقاً من هذه الاستراتيجية قامت الدولة بحماية المواطنين والمقيمين وحتى الزائرين، وأصبحت مضرب مثل في طريقة تعاملها مع الوباء ونتائجه، ففي حين تشهد دول كبرى فوضى في التشخيص وفحوصات الكشف عن الفيروس، وربما انهارت منظومات صحية كاملة، قدمت الإمارات منظومات عمل متطورة للحد من انتشار «كوفيد-19». وقد أسهمت برامج التعقيم الوطني في الحد من انتشار الوباء، وكذلك معادلة الإغلاق الذكي، حيث حدت الدولة من تحرك السكان لكنها لم تغلق الاقتصاد، وتم ذلك على مراحل وعلى فترات زمنية محددة، مما كان له دور كبير في الحد من انتشار المرض. أيضاً لا بد أن نذكر تعميم الممارسات السليمة في ظل الوباء، والرقابة الذكية التي كانت بمثابة حماية للسكان بغية الالتزام بالتعليمات التي تحد من انتشار الوباء.
وكان تميز الإمارات في وجود فحص دوري ودائم بهدف الكشف عن الفيروس، فالقادم إلى الدولة على سبيل المثال يدهش من الإجراءات الوقائية المتطورة مثل الفحوصات الذكية، وربما هذا ما تهاونت فيه بعض الدول الغربية التي تأخرت في نشر البروتوكولات الخاصة بالفحص المبكر، وكان ذلك سبباً في انتشار كارثي للمرض.
ومن الإنجازات أيضاً عدد الدراسات التي قامت بها مستشفيات ومراكز بحوث في الدولة، فقد نجحت في تسجيل تسلسل الجينات لفيروس كورونا لمعرفة سلالاته السائدة، كما نجحنا في تصميم نموذج لجهاز تنفس صناعي، وغيره الكثير من الدراسات العلمية. وقد حققت الدولة المركز الأول عربياً في مؤشر التعافي من آثار الجائحة، ونجحت في تسخير التكنولوجيا لخدمة السكان في الحماية من الفيروس.
وعلى الصعيد الاقتصادي الذي ارتبط بهذا الوباء بشكل كبير، وفي حين تضرر اقتصاد دول عظمى أمام تحديات الفيروس وسط الحيرة بين إغلاق الاقتصاد أو فتحه، كانت للإمارات خطط مدروسة تحلت بمسؤولية كبرى، فالاقتصاد الإماراتي استمر بالعمل وسط أكبر قدر من الاحتياطات الصحية، وكان أن اضطلعت الدولة بمسؤوليتها بشكل لائق لتحمي الاقتصاد وقبل ذلك السكان. وبالطبع أثبتت هذه الكارثة العالمية أن الاقتصاد الإماراتي مرن وقوي ومستمر في النهوض رغم كل التحديات.
الإمارات تثبت للعالم أنها دولة لها وزنها، ومن خلال حكمة قادتها أصبحت مثالاً يحتذى به بين الأمم، وهذه الأزمة أكدت ذلك وأبرزت معدنها الأصيل وقدرتها العالية في التعامل مع أي وباء خطير وكارثي، لكنه سيزول قريباً لنستمر كما عودنا العالم على منجزاتنا الحضارية على كافة المستويات.

*كاتب إماراتي