مع اقتراب تعميم اللقاح، توشك البشرية على دخول فصل جديد في رحلة مواجهة الجائحة، وهو فصل أقل قتامة بكل تأكيد، إذ من المتوقع أن يشهد الربع الأول من 2021 حصول معظم الدول على اللقاحات المتوفرة. وفي أقل من شهر سنودع 2020، هذا العام الذي لم يكن كغيره من الأعوام، إذ ترك بصماته في حياة 7 مليارات إنسان، ولم ينجُ من تأثيراته أحد. الكثيرون يتهيؤون لاحتفال مختلف برأس السنة لهذا العام، والبعض يستعدون بالتأكيد لوداع العام الغابر بكسر الجرة. فهل كان العام سيئاً بالمطلق؟ يقال إن الحديث عن النصف المملوء من الكأس في الأوقات الصعبة، كهذه التي عاشتها البشرية خلال الأشهر الأخيرة، هو ضرب من العبث الذي لا يليق. فقد عاش العالم أوقاتاً عصيبة يصعب الحديث فيها عن نصف مملوء من الكأس. وأقصى ما حققه الناس في أيام الحجر هو ما عبّر عنه الشاعر ومؤلف الأغاني الإيطالي (ذو الأصول المكسيكية) جيسي لوبيز، الذي كتب قصيدة مغناة بعنوان «الحجر جعلني أفعلها». في تلك القصيدة تحدث لوبيز عن أناس تتكرر أيامهم من دون أن يفعلوا شيئاً ذا قيمة كبرى، يرتدون القميص نفسه لأيام وأسابيع، ويلهون مع حيواناتهم المنزلية، ويغنون بصوت عال، من تلك اليوميات المتكررة انبثقت مفردة احتفى بها قاموس أكسفورد باعتبارها الكلمة الأبرز خلال عام 2020 وأضافها إلى المعجم، وهي كلمة (blursday) التي يتندر البعض بالقول إنها اليوم الثامن في الأسبوع، فما حكاية هذه الكلمة؟
القسم الأول منها يعني الطمس أو الضبابية، فيما الثاني يعني اليوم، وبهذا يكون المعنى الأقرب هو «اليوم الضبابي»، أي اليوم الذي تعذّر تحديد إن كان السبت أو الأحد أو حتى الاثنين. فمع طول فترة الحجر، وتشابه الأيام بالنسبة لملايين البشر، فقد الكثيرون قدرتهم على تمييز الثلاثاء من الأربعاء وهكذا، فصارت الأيام كلها بالنسبة لهم نسخة مكررة تشبه بعضها البعض، هل هذا أفضل شيء قدمته لنا جائحة كورونا؟
شخصياً أعرف أناساً استثمروا أيام الحجر في تعلم أشياء جديدة ومهمة، ولدي معارف تخرجوا في دورات تدريبية عن بعد، فاكتسبوا مهارات لم يكن ممكناً الحصول عليها في غمرة انشغالاتهم، وأنا شخصياً من الذين قرأوا في زمن كورونا أضعاف ما أقرأ في الأيام العادية، لهذا فإني ممن يصرون على مقولة النصف المملوء من الكأس.