تقود فرنسا وألمانيا جهوداً أوروبية لإجراء اتصالات مبكرة مع فريق الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن، بهدف تسريع المحادثات الرامية إلى تطبيع العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. ويتصدر جدول الأعمال بالنسبة لباريس حل نزاع الطائرات الذي شهد فرض رسوم جمركية على بضائع عبر الأطلسي تزيد قيمتها على أكثر من 12 مليار دولار (ما يعادل 10 مليارات يورو). أما برلين، فتحرص على إحياء محادثات التجارة الحرة، وفقاً لما ذكره مسؤولون بارزون في كلا البلدين.
وقال «يوهان وادفول»، خبير السياسة الخارجية ونائب زعيم التجمع البرلماني لـ«الحزب الديمقراطي المسيحي» بزعامة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل: «نحن مستعدون وفي وضع يسمح لنا بإجراء محادثات على الفور». ومن جانبه، قال وزير المالية الفرنسي «برونو لو مير»، الذي خطط للتحدث مع فريق الرئيس المنتخب في وقت سابق من هذا الأسبوع: «آمل حقاً أن تعني إدارة بايدن الجديدة بداية جديدة في العلاقة بين أوروبا والولايات المتحدة».
وتشمل الأولويات التجارية الأخرى بالنسبة للاتحاد الأوروبي، والتي تتقاسمها فرنسا وألمانيا، إزالة الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب على صادرات الصلب والألمنيوم الأوروبية، والموافقة على وضع قواعد ضريبية جديدة للشركات الرقمية التي تعمل على المستوى الدولي، والتوصل إلى اتفاقية تجارية محدودة بشأن المنتجات الصناعية، وإصلاح منظمة التجارة العالمية.
وتأتي المبادرات الأوروبية بعد قضاء أسابيع في حالة من عدم اليقين بشأن التحول الأميركي، حيث ظل العديد من الحلفاء في وضع الانتظار والترقب. وكان من المقرر أن يتحدث «لو مير» مع فريق بايدن يوم الاثنين الماضي، لكن الاجتماع تأجل، بحسب ما ذكر مسؤول فرنسي طلب عدم الكشف عن هويته، لأن الخطط خاصة. وقال «وادفول» إن المسؤولين الألمان يتوقعون إجراء اتصالات في الأيام المقبلة.
ويذكر أن ألمانيا، التي تعتمد بشكل كبير على أسواق التصدير وتبلغ قيمة التجارة الثنائية بينها وبين الولايات المتحدة 252 مليار دولار كل عام، حريصة بشكل خاص على تهدئة التوترات مع الولايات المتحدة، التي فرضت تعريفات جمركية على الصادرات الأوروبية باسم دعم الصناعات الأميركية. وكان الرئيس دونالد ترامب قد هدد عدة مرات بضرب قطاع السيارات الألماني من خلال فرض رسوم عقابية على السيارات المستوردة.
وفي الواقع، فقد تصاعدت الضغوط في برلين على الحكومة للاتصال بالإدارة الأميركية القادمة بشأن محادثات التجارة الحرة، لاسيما بعد أن أبرمت الصين صفقة تجارية أخرى واسعة النطاق في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
وقال «ماتياس هايدر»، كبير المشرعين المسؤولين عن الشؤون الاقتصادية في «حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي» الحاكم: «إن الصين تمضي قدماً في تنفيذ اتفاقية التجارة الحرة الآسيوية، وهذه دعوة لإيقاظ أوروبا». وأضاف: «يجب أن يكون هذا أولوية قصوى للمستشارة».
وفي حين يتوقع العديد من الساسة في أوروبا أن يقدم بايدن مطالب مماثلة كما فعل ترامب فيما يتعلق بجهود الأمن والدفاع الأوروبية، فإن احتمالية وجود آذان صاغية في واشنطن تدفع التوقعات.
ومن ناحية أخرى، قال وزير الخارجية اليوناني «نيكولاوس ديندياس»: «هناك قدر كبير من التفاؤل على هذا الجانب من المحيط الأطلسي»، مضيفاً أن حكومته كانت تأمل في أن يكون للإدارة القادمة حضور أكثر نشاطاً في شرق البحر المتوسط.
وجاءت إشارات مشجعة أخرى من التعيينات الوزارية لبايدن، لاسيما تعيين أنتوني بلينكن، «الذي يعرف ألمانيا وأوروبا جيداً»، وفقا لما ذكره وادفول.
ويُذكَر أن فرنسا تمارس ضغوطاً من أجل إصلاح القواعد الضريبية العالمية لجعل شركات التكنولوجيا متعددة الجنسيات تدفع نصيبها العادل، لكن المحادثات في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تمضي ببطء. في غضون ذلك، تهدد الولايات المتحدة بفرض رسوم جمركية على البلدان -بما في ذلك فرنسا -التي تمضي قدماً في فرض ضرائب على عائدات الشركات الرقمية.
وقال وزير المالية الفرنسي «لو مير» في مقابلة إعلامية: «سأجري مناقشات حول أفضل طريقة للحد من عدم المساواة في نماذجنا الاقتصادية، وبالطبع سأطرح على الطاولة مسألة التجارة ومسألة الضرائب الرقمية»، في إشارة إلى المحادثات مع الإدارة الأميركية القادمة. وأضاف: «يظل هدفنا هو التوصل إلى اتفاق داخل إطار منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بحلول الأشهر الأولى من عام 2021».
وخلال اجتماع وزراء المالية الذي عقد مؤخراً في برلين، قال لومير: «تعلمون مدى أهمية أن يكون لدينا نظام ضرائب دولي عادل وفعال في أقرب وقت ممكن. إذا نظرتم إلى عواقب الأزمة الاقتصادية، فإن الرابحين الوحيدين هم العمالقة الرقميون».

رايموند كوليت وبيرجيت جينين وويليام هوروبين

صحفيون متخصصون في الشؤون الاقتصادية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»