تولي دولة الإمارات العربية المتحدة الإنسان أولوية قصوى، ليس فقط لأنه العنصر الأساسي في عملية التنمية والنهضة التي تشهدها الدولة، ولكن لأنه الهدف والغاية لهذه التنمية أيضًا. فكل ما تقوم به الدولة ومؤسساتها يهدف إلى توفير الحياة الكريمة للمواطنين، وبشكل مستدام وفق أعلى المعايير العالمية. وهذا بالطبع لا يمكن تحقيقه إلا من خلال الكوادر البشرية المؤهلة في مختلف المجالات. ولهذا فقد عملت الدولة منذ نشأتها قبل 49 عامًا على توفير كل ما من شأنه تمكين الفرد، فأنشأت المدارس، ووفرت لها أفضل الكفاءات التربوية، وهي الآن في طليعة الدول المتقدمة في المنطقة، كما أسست الجامعات واستقطبت لها أفضل الخبرات والكفاءات من مختلف دول العالم، وهي الآن من أفضل الجامعات في العالم، ويتبوأ بعضها مراكز متقدمة في التصنيفات العالمية. كما أنشأت المؤسسات المتخصصة المعنية بشكل أساسي بتطوير الكوادر البشرية، بينما جعلت برامج التطوير هذه جزءًا لا يتجزأ من كل مؤسسة تقريبًا. كما تبنت سياسة التوطين التي تهدف إلى تأهيل الكفاءات الوطنية في كل المجالات، وقد حققت هذه السياسة نجاحات كبيرة، وفي بعض المجالات بأوقات قياسية. فقد أظهرت المؤشرات الخاصة بالتوطين في 57 وزارة وجهة اتحادية مع نهاية عام 2019، تقدمًا كبيرًا، حيث تم تعيين أكثر من 3 آلاف مواطن، وهناك خطط لرفع نسبة التوطين في الحكومة الاتحادية بواقع 10 في المئة سنويًّا لتصل إلى 90 في المئة في الوظائف الإدارية والخدمات المساندة خلال 5 سنوات. وهناك أيضًا اهتمام حكومي بالتوطين في القطاع الخاص، الذي لا يشكل المواطنون منه سوى نسبة قليلة. 
ومن المهم الإشارة إلى أن سياسة التوطين لا تعني الاستغناء عن الكفاءات أو وقف استقطابها، بل على العكس تمامًا، هناك حرص على توطين هذه الكفاءات أيضًا، حيث تؤمن الدولة بأن التنوع مصدر إلهام وقوة ينسجم تمامًا مع رؤية القيادة الرشيدة بأن تكون الإمارات مصدر جذب للثروات البشرية من كل دول العالم، وليس أدل على هذه الرؤية من الإجراءات التي تتخذها الدولة من وقت إلى آخر، وكان آخرها قبل أيام عندما أعلنت عن الإقامة الذهبية للمؤهلات والكفاءات العلمية من كل الجنسيات من دون استثناء. 
ولا تتوقف المبادرات والبرامج الرامية لتطوير الموارد البشرية في دولة الإمارات، فقد أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، قبل أيام برنامج «قيادات دبي» ضمن «مركز محمد بن راشد لإعداد القادة»، لتمكين 50 شخصية قيادية في المؤسسات الحكومية بدبي. كما أعلنت الهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية اعتزامها استحداث آليات جديدة لتطوير وتنظيم وإدارة المواهب الوظيفية بين موظفي الوزارات والجهات الاتحادية، باستخدام أدوات وتقنيات الذكاء الاصطناعي. 
وها هي دولة الإمارات، وهي تقترب من الاحتفال بالذكرى الخمسين لقيامها، تقطف ثمار ما استثمرت فيه، فقد حقق أبناؤها الكثير من الإنجازات، ولن تقف الدولة عند هذا الحد، فبرغم ما تحقق من إنجازات، فإن القيادة تسعى إلى تحقيق ما يرفعه البعض إلى مصافِّ المعجزات، وهي تعمل ليل نهار وفقًا لرؤيتها في أن تصبح الإمارات الأفضل في كل المجالات عالميًّا بحلول الذكرى المئوية لتأسيسها، وهذه رؤية متفائلة وطموحة جدًّا، وتحقيقها أمر ممكن، من خلال الكوادر المؤهلة والقادرة على تحدي الصعاب والدخول بقوة في عالم يحتدم فيه التنافس بشكل غير مسبوق.

* عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.