كعادتها، تصرفت الإمارات بحكمة وبما يتناسب مع موقعها الاستراتيجي ودورها الإقليمي، فأدانت اغتيال العالم النووي الإيراني «فخري زاده»، مهندس تطوير «النووي» الإيراني. 
ودعا بيان وزارة الخارجية الإماراتية جميعَ الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، لتجنب انجراف المنطقة إلى مستويات جديدة من عدم الاستقرار وتهديد السلم، فالإمارات دولة سلم وسلام، وقد أظهرت ذلك جلياً مع أي طرف يمد يده لسلام حقيقي قائم على رغبة صادقة مقرونة بالأفعال. وهذا ما لم نجده عند الجانب الإيراني، مع أن الإمارات مدت يدها في مرات عدة، لكن طهران لم تستجب لحل أزمة الجزر المحتلة عن طريق المفاوضات المباشرة والجادة وعن طريق التحكيم الدولي. كما ترفض الإمارات التدخلات الإيرانية في المنطقة، خاصة تلك التي تسعى لإشعال الصراع والفتن في الدول المجاورة.
مطالب الإمارات واضحة وعادلة، فهي دولة تسعى للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والعلمية وللعمل على رفاه شعبها وسعادته، ولذلك فهي دولة تستقطب الطامحين والحالمين ورجال المال الأعمال والكفاءات وكل من يحلم بصنع حياة أفضل. 
واللافت أنه بعد مقتل العالم الإيراني أطلقت طهران تهديدات تطال المنطقة، وتوعدت بتأجيج الصراع فيها، وهذا حقيقة بعيد تماماً عن الحكمة. فالسلام في المنطقة مصلحة مشتركة لإيران ودول الخليج، بل وللعالم أيضاً، وعلى إيران تغيير استراتيجياتها والتوقف عن التدخل في الشؤون الداخلية للدولة العربية ومحاولة بناء علاقات حسن جوار حقيقية، وبهذا ستصبح لاعباً مقبولاً من طرف الجميع، وسينعكس ذلك على اقتصادها وشعبها. وربما وجب على إيران الالتفات للداخل والعمل على تحقيق طموحات الشعب الإيراني الذي بكل تأكيد يفضل السلام وعلاقات الصداقة الحقيقية مع دول الجوار بدل توتير المنطقة التي تشهد أزمات لليد الإيرانية تغلغل فيها. 
وكما ذكرنا آنفاً، فقد كان الموقف الإماراتي واضحاً وشجاعاً، وهو موقف يؤكد حرص قادتنا على تحقيق السلام الذي هو مطلب الشعوب. 
أما أي تصعيد إيراني فلن يخدم أي طرف، وربما يدرك الرئيس روحاني هذا المفهوم تماماً، لذلك سارع إلى رفض مشروع قانون أقره برلمان بلاده يهدف للرد على اغتيال «زاده»، وإلى خرق الاتفاق النووي وزيادة تخصيب اليورانيوم.. حيث أكد أن هذا القرار «ضار». هذا مع العلم أن البرلمان الإيراني يسيطر عليه المحافظون الذين يسعون للتصعيد دائماً وربما يدفعون إيران إلى الهاوية. 
المرحلة المقبلة حساسة للغاية وتتطلب تغليب الحكمة بانتظار تولي الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن مقاليد السلطة، وبعدها ستتضح الصورة بشكل أكبر، خاصة أن ما تسرب من محيطه يؤكد أنه سيطرح العودة للعمل بالاتفاق النووي مع طهران بشروط صارمة. 
وهنا يتعين على «الإصلاحيين» في إيران تلقف هذه الفرصة ومجابهة الجناح المحافظ بهدف خفض التوتر وربما تمهيداً لعودة إيران إلى المجتمع الدولي، بعد أن تتخلى عن طموحها النووي الذي يهدد المنطقة، وبعد أن تعلن توقفها عن التدخل في دول الجوار وإعادة الحقوق لأصحابها.. وحينها ستكون أيدي العرب جميعاً ممدودة لدعم جهود التنمية في المنطقة وتحقيق خير الشعوب قاطبة.