يحظى مجتمع دولة الإمارات العربية المتحدة بمنظومة من القيم النبيلة التي استمدها من مرتكزات تقوم على مبادئ الدين الإسلامي الحنيف المبني على الوسطية والاعتدال، والعادات العربية الأصيلة، التي عمل على ترسيخها الوالد المؤسس المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، منذ المراحل الأولى لتأسيس الدولة، نظراً إلى إيمانه بقيم الخير والاعتدال والتكافل، وتأكيده ضرورة الحفاظ على القيم والعادات الأصيلة التي من شأنها الارتقاء بالوطن والمواطن، حيث نستذكر قوله، رحمه الله: «على شعبنا ألا ينسى ماضيه وأسلافه، كيف عاشوا وعلى ماذا اعتمدوا في حياتهم، وكلما أحس الناس بماضيهم أكثر، وعرفوا تراثهم، أصبحوا أكثر اهتمامًا ببلادهم وأكثر استعداداً للدفاع عنها». 
وما ينعم به مجتمع دولة الإمارات من أمن واستقرار، ما هو إلا امتداد للرعاية الكريمة من قبل القيادة الرشيدة للدولة لهذا الغرس الطيب الذي أسهم في ترسيخ منظومة قيم المجتمع الإماراتي، التي تفاعلت مع محيطها ومع الثقافات الأخرى، وواكبت تقدم وتطور الدولة التي تحتضن اليوم رعايا أكثر من 200 جنسية من مختلف أنحاء العالم، من ثقافات وحضارات ومعتقدات متنوعة. وقد نجحت هذه المنظومة بكل ما تحتويه من إرث أصيل في صهر هذا التنوع في مجتمع واحد ينعم بالتسامح وحسن التعايش، يعمل فيه الجميع يداً بيد، وبروح الأخوة الإنسانية وتحت مظلة القانون الذي يتساوى أمامه الجميع في الحقوق والواجبات.
وانطلاقاً من رؤية القيادة الرشيدة لدولة الإمارات في أن القيم هي مفتاح استقرار وازدهار ونماء المجتمعات، وتحصينها ضد آفات الممارسات الخاطئة التي تحدّ من استقرار المجتمع ورخائه، أصدر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بصفته حاكماً لإمارة أبوظبي، القانون رقم 22 لسنة 2020 بإنشاء «مركز أبوظبي للتوعية القانونية والمجتمعية» يتبع دائرة القضاء - أبوظبي، بهدف رصد الظواهر والسلوكيات والعادات التي تمس قيم المجتمع ومبادئه، وتؤدي إلى التشهير بالأشخاص والرموز أو إثارة النعرات أو تحض على العنف وعقوق الوالدين، بما في ذلك الموجودة على وسائل التواصل الاجتماعي والألعاب الإلكترونية، إضافة إلى كل ما يؤدي إلى الإدمان الإلكتروني. كما يهدف المركز إلى توعية أفراد المجتمع بتلك المخاطر وآثارها السلبية، ومساعدتهم على التعامل معها والتغلب عليها والحيلولة دون وقوعها.
ولأجل تحقيق كل تلك المستهدفات، تشتمل اختصاصات «مركز أبوظبي للتوعية القانونية والمجتمعية» على عقد المؤتمرات والندوات وورش العمل واللقاءات مع الأفراد وأولياء أمورهم، وإنتاج البرامج التلفزيونية والمسموعة والإلكترونية، وتنفيذ برامج توعية وتأهيل الأفراد بناء على طلبهم أو طلب أوليائهم، وتوعية المجتمع بضرورة الحفاظ على هوية الدولة وعدم القيام بأي فعل من شأنه الإساءة بقصد السخرية أو الإضرار بسمعة أو هيبة أو مكانة الدولة أو أي من مؤسساتها ورموزها، ونشر التوعية المجتمعية من خلال النصح والإرشاد حول آلية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بطريقة آمنة، وأي اختصاصات أخرى يكلف بها من قِبَل الدائرة.
إن إنشاء «مركز أبوظبي للتوعية القانونية والمجتمعية» يُعد بمنزلة تدشين صرح إماراتي جديد يقوم بعمل متقدم على مستوى الأنظمة والقوانين في ترسيخ قيم وممارسات الترابط الاجتماعي والحفاظ على الأمن الاجتماعي والأسري، ويؤكد في الوقت نفسه حرص إمارة أبوظبي على تعزيز سيادة القانون، وحماية القيم والمبادئ الأخلاقية والمجتمعية، واحترام الآخر وتعزيز السلام والتسامح بين جميع أفراد المجتمع، بما يحافظ على المكانة الريادية لدولة الإمارات عموماً وإمارة أبوظبي على وجه الخصوص، في تأصيل قيم التسامح والسلم والأمن وصون الحقوق الإنسانية وحمايتها من أي تعدٍّ أو انتهاك.

عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية