يؤكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة «حفظه الله ورعاه»، أن «دولة الإمارات العربية المتحدة تحرص على إيجاد وتطوير أدواتها وخياراتها وآلياتها الخاصة التي تمكنها من الحفاظ على أمن الوطن واستقراره وصون منجزاته ومواجهة التحديات المستقبلية، فالمستقبل تتم صناعته اليوم، كما إن الوقاية والاستعداد هما خير سبيل للتعامل مع الغد بكل ما يحمله من تحديات وفرص».
من هنا، فإن رؤية القيادة الحكيمة قد عملت طوال السنوات الماضية على وضع الأمن والاستقرار على رأس أولويات الدولة، بما يضمن وبشكل قاطع حماية الإمارات داخلياً وخارجياً، وحماية حدودها وعلاقاتها سواء من خلال القوات المسلحة الإماراتية المتطورة فنياً وعسكرياً، أو من خلال منظومة الأمن الشاملة التي اشتملت على إضافة وتطوير المفاهيم الأمنية الجديدة كالأمن السيبراني والرقمي والأمن الغذائي وأمن المستقبل عموماً.
لا شك أن السلام الذي سعت إليه الإمارات بمباركة ورعاية أميركية قد جعل بعض قوى الظلام سواء التنظيمات الإرهابية أو الدول المأزومة تسعى إلى التفكير بالتشويش على هذه الإتفاقيات التي بدأ مدّها وأمدها من أبوظبي، عاصمة السلام والمحبة، فسمعنا بعض الخطب الشعبوية من تركيا وإيران ومن قيادات مافيات وعصابات وميليشيات مرتزقة عُرفت عالمياً بأنها إرهابية كـ«حزب الله» و«الحوثي» و«الإخوان»، ومع أن كل تلك الخطب الزائفة لم تؤثر في خطوات الإمارات الواثقة نحو المستقبل المزدهر للأجيال القادمة، ومع ذلك فإن بعض هؤلاء، ما زالوا يحاولون اختراق جدار الإمارات المتين، من خلال عمليات قرصنة إلكترونية ومحاولات الوصول إلى مجتمع الإمارات الإلكتروني وفضائها السيبراني، العصي على أمثالهم.
يظن هؤلاء الإرهابيون الإلكترونيون، أن استغلال مرحلة جائحة كورونا، باستهداف القطاع المالي في الإمارات مثلاً، قد يؤدي بهم إلى توجيه تهديد للسلام والأمن الإقليمي والأمن في الإمارات على وجه التحديد، باعتبار أن القطاع المالي هو شريان الحياة الاقتصادية والاجتماعية، ولكن هذه الخلايا التي تظن أنها مجهولة الهوية، وتعمل بتوجيهات إرهابية معلومة المصادر، لا تعلم مدى التطور الذي حصنت به الإمارات أجهزتها وأمنها السيبراني، واستعدادها المطلق لرد أي تهديد أو هجوم غاشم، يستهدف مؤسساتها واقتصادها، ولا يعلمون عن مدى تفوق وكفاءة أنظمة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والخطوات الكبيرة المتخذة لتعزيز قدرات «أمن المعلومات» وأنظمة الخصوصية لشبكاتها.
الإمارات، وكما يعلم الجميع، لا تقدم على أي خطوة قبل دراستها دراسة مستفيضة من كافة الجوانب، بل وتخضع كل قرار، مهما بدا بسيطاً، للفحص والتقييم، ولا شك أن خطوة كبيرة كخطوة تطبيع العلاقات مع إسرائيل، قد خضعت إلى الكثير من عمليات الفحص والتقييم في المختبرات السياسية الخبيرة لدولة الإمارات، وكان من بين ذلك، دراسة احتمال التعرض لتهديدات أو لحرب سيبرانية، من أولئك الذين لا يؤمنون بالسلام ولا يطيقونه، ويعتبرونه شوكة في حلوقهم.
قامت الإمارات، وبشكل مبكر، بتحديث البنية التحتية الرقمية، ووضعت استراتيجيات تضمن خلق بيئة سيبرانية آمنة وصلبة، مكّنت الأفراد والشركات والمؤسسات من التطور والنمو في بيئة آمنة ومزدهرة، كما ضمنت دعم معايير الأمن الإلكتروني وتطوير بيئة الأمن السيبراني، من خلال «نظام ضمان أمن المعلومات»، الذي يوفر المرجعية الكافية لرفع مستوى حماية أصول أمن المعلومات من التهديدات السيبرانية كتهديدات نشطاء القرصنة الإلكترونية، ومجموعات الجرائم الإلكترونية المنظمة التي تمثل تهديداً على الأمن القومي.
التعاون مع أجهزة الأمن السيبراني في العالم، وفي منطقة الشرق الأوسط، على مستوى واسع، وعلى قاعدة الثقة المتبادلة، سينتج المزيد من عمليات اصطياد ورد الهجمات الإلكترونية التي تحاول التشويش على الاستقرار الإستراتيجي، فهذا التعاون قد يتيح إمكانيات إضافية كتحليل النظم التطبيقية التي تتحرك في المساحة الجيوسياسية الإقليمية، وتحاول اختراقها، فهؤلاء الإرهابيون، الذين يستخدمون التكنولوجيا بطريقة سيئة، ينظرون إلى المنطقة باعتبارها عدوا وحدا يجب مهاجمته، فيحاولون اختراق فضائها السيبراني، وهو جهاز كيانها العصبي المركزي حالياً، بأية وسيلة، لتهديد الخدمات المقدمة للمدنيين، أو سرقة البيانات لأغراض التجسس، أو نشر الفيروسات التي تحاول هدم الأنظمة الرقمية وتدميرها.
جدار الإمارات المتين الصلب، يعلو بفخر وشموخ على حدودها وأنظمتها وفضائها، وسيبقى عصياً على كل من يحاول المساس به من قريب أو بعيد.