على ضوء ما حدث من تغيير في الإدارة في الولايات المتحدة بوصول رئيس «ديمقراطي» إلى سدة الرئاسة وباحتمال حدوث تغير في التكتيكات الأميركية تجاه إيران، خاصة ما يتعلق بملفها النووي تبرز أمام دول العالم العربي جميعها تحديات جديدة إزاء العلاقات مع إيران.
وكلما حاولنا التوصل إلى تفسيرات مقنعة لما تقوم به من ممارسات نصطدم بمعوقات يترتب عليها المزيد من الأسئلة المحيرة، فإلى أين تسير القيادة الإيرانية؟ وما هي نتائج ما يحدث حالياً؟ فعلى ضوء الأحداث التي وقعت مؤخراً كانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، ومقتل قاسم سليماني، وإسقاط الطائرة المدنية الأوكرانية، وفشل إطلاق صاروخ لوضع قمر صناعي في مدار حول الأرض، وعجز القوات والميليشيات الإيرانية المتواجدة في سوريا عن الدفاع عن نفسها أمام الهجمات الخارجية التي تشن عليها يتضح بأن الشأن الإيراني يعاني مشكلات وبأن السياسة الإيرانية تواجه مصاعب على الصعيدين الداخلي والخارجي.
ما يهم دول الخليج العربي بالدرجة الأولى هو أنها تتجاور مع إيران جغرافياً وهو أمر يحتم عليها معرفة ما يدور في الداخل الإيراني وإلى أين ستسير إيران في المستقبل القريب وكيف ستصبح علاقاتها بها في ظل سعيها نحو حيازة الأسلحة النووية وامتلاك الصواريخ الباليستية الموصلة لها إلى أهدافها بغض النظر عن من هو الذي يسكن البيت الأبيض.
العرب جميعاً حائرون في كيفية التعامل مع إيران في ظل السياسات التي تنتهجها، والقائمة على شعارات ومقولات الرغبة في «تصدير الثورة» إليهم من خلال فكر عقيم، وأوضاع اقتصادية وسياسية متردية وعقوبات ومقاطعة اقتصادية وصلت إلى حد تكسير العظام.
ورغم أنه من المستبعد أن تسير الأمور الخاصة بعلاقات العرب مع إيران إلى ما هو أفضل في ظل الممارسات الإيرانية الحالية، خاصة تجاه المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين، وما يحدث من دعم للمتمردين «الحوثيين» في اليمن، والتدخلات السافرة في العراق وسوريا ودول عربية أخرى، إلا أن العرب دائماً ما ينظرون إلى الشعب الإيراني بأنهم إخوة في الإسلام، وبأن إيران جار وفقاً لحقيقة جغرافية أزلية لا يمكن تغييرها، لذلك فإن المشكلة ليست في عرب الخليج العربي أو دول مجلس التعاون أو الدول العربية الأخرى، لكنها في نظام حكم ينظر إلى ما هو أبعد كثيراً من إمكانياته وقدراته وما يمكن له تحقيقه.
لذلك فإن ما هو مطلوب من الذين يديرون شؤون إيران حالياً هو إدراك أن ثمة حقائق قائمة في العالم العربي، وفي ضمائر العرب لا تتقبل أن تتوغل إيران في أوطانهم أو تتدخل في شؤونهم أو تهيمن عليهم.
والدليل على ذلك هو ما يحدث الآن من رفض للمسلك الإيراني في سوريا والعراق واليمن، رغم ما يقترفه بعض المرتزقة والوصوليين من خيانة لأوطانهم وشعوبهم وضمائرهم.
والغريب المستغرب في الأمر هو أن من يسيطرون على السلطة في إيران مشغولون جداً بالخارج وببعثرة أموال الشعب الإيراني يسرة ويمنة على أمور عبثية تلتهم الأموال دون رحمة، في الوقت الذي ينسون فيه شؤون الشعب الإيراني ومعيشته اليومية وحاجاته الأساسية.

الأسئلة التي تبرز فوراً، هي: هل جميع ذلك غائب عن مرأى ومسمع وإدراك أصحاب النظام في طهران؟ وكيف يمكن بناء مستقبل أفضل لإيران لصالح شعبها وأيضاً جيرانها؟