حرص قطاع من الباكستانيين على مشاهدةِ المسلسلِ التلفزيوني التركي «قيامة أرطغرل» الذي عرض على شاشة القناة الرسمية مدبلجاً بالأوردية في شهر رمضان الماضي (25 أبريل 2020). وقضت العائلات الباكستانية أسابيع تتابع بحماس الدراما التاريخية التركية، حيث تشير وسائل إعلام باكستانية إلى أن المسلسل حُظي بشعبية، كما نُصب تمثال للبطل التركي أرطغرل في إحدى ساحات مدينة لاهور. 
والحقيقة أنه لا جديد في الحديث عن الولع بالدراما التركية، إذ سبق أن غزت المسلسلاتُ التركيةُ الدولَ العربيةَ أيضاً؛ وذلك بدءاً من عام 2006، حيث ظهرت صرعة المسلسلات التركية المدبلجة في القنوات التلفزيونية العربية على اختلافها، وحظيت هذه المسلسلات بنِسب مشاهدة عالية من قبل المشاهدين العرب، لينتقل المحتوى من تقديم قصص الحب إلى تقديم التاريخ الإسلامي برؤية مغايرة، حيث تم توظيف الدراما التركية كجزء من القوة الناعمة لتركيا بغية تحسين صورتها بين الشعوب العربية، ومن أجل الترويج من خلالها لصورةٍ إيجابيةٍ عن الثقافة والتاريخ العثمانيين. ولذا كان تصدير المسلسلات التركية جزءاً مهماً من سياسة تركيا الخارجية. وقد شكلت المسلسلات التاريخية بالخصوص منصة دعائية لـ«حزب العدالة والتنمية» التركي، فكان مسلسل «قيامة أرطغرل» على سبيل المثال أحد أهم أدوات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لتسويق خطابه داخلياً وللترويج لنظامه وسياساته خارجياً. 
وفي باكستان يعتقد البعض أن السبب وراء الترويج للمسلسلات التاريخية التركية ليس فقط التقاطع في الأجندة السياسية، ولكن أيضاً الاعتقاد بأن هذه المسلسلات تروج للتاريخ بطريقة جذابة تساعد على «تأسيس مجتمع إسلامي مثالي»! وقد تجاوز الاستخدام التركي للدراما كقوة ناعمة بغية التأثير على الشعب الباكستاني إلى توظيف هذه الدراما لتعزيز العلاقات الرسمية بين إسلام آباد وأنقرة.
قد تكون الدراما التاريخية التركية وصناعة البطولات الوهمية وسيلة إلهاء مثالية في زمن يفتقر للأبطال والبطولات، لكن صناعة الوهم الدرامي قد تنجح لبعض الوقت في تدجين الشعوب، إلا أن الخيارات السياسية الناتجة عن تعزيز العلاقات مع أنقرة، على المستويات السياسية والعسكرية والاقتصادية، وتقاطع المواقف معها إزاء بعض القضايا.. كل ذلك يعكس تجاوباً ربما يكون من شأنه أن يغير خريطة تحالفات باكستان الإقليمية، مما سينعكس بالتالي على علاقاتها الخارجية ومن ثم على اقتصادها.. الأمر الذي يمكن أن يخلق دراما واقعية هي آخر ما يحتاج إليه ذلك الجزء من جنوب آسيا.