اليوم هو الأخير من عام 2020، وتفصلنا سويعات عن العام الجديد، فكل عام وأنتم بخير. جدلية الزمن قديمة جداً، فهل نحن مقيدون بسنوات محددة تبدأ بتاريخ وتختتم بغيره، إن اختلاف البشر في التقويم مؤشر واضح على تلك الجدلية، فلدينا السنة الهجرية، وهناك السنة الصينية، لكن جل دول العالم توافقت على التقويم الميلادي كي تنظم دورة الحياة والأعمال حول العالم، لذلك نشهد هذا الزخم من الاحتفالات بهذه المناسبة. الجدلية في هذا الموضوع تتلخص في النسبية، فمرور سنة من عمر الإنسان قد لا يحمل في طياته أمراً جديداً، إن لم يحدث هذا الإنسان أثراً لوجوده على كوكب الأرض، كما أن تسارع حركة الأشهر مسألة أخرى في هذه النسبية، فبعض الناس يرى أن الأيام تتسارع من بين يديه أسرع مما كانت في الماضي وغيره يرى الأشهر متثاقلة في مرورها. 
أتمنى ألا تكون هذه المقدمة سببت لكم صدمة في بداية السنة، لكني أريد أن ينتبه البعض لهذه الغفلة، ففي بداية كل سنة يرسم الناس أمنيات، وهذا مثل الذي يستمتع بأحلامه لكنه يتفاجأ أنها لم تتحقق فور استيقاظه من منامه. الأمنيات الصادقة بحاجة إلى قرارات ناجحة. فالسعادة قرار، لذلك تجد شخصين يمران بنفس الظروف تقريباً يتعايش معها الأول بكل سعادة. أما الثاني فقرر أن يعيش تجربة الشقاوة مع تلك التحديات. كلاهما ستمر عليه السنة، بيد أن الأول لأنه قرر السعادة مرّت عليه السنة بكل تحدياتها، وهو في غاية السرور. لكن الثاني منهما بسبب قراره الشخصي كانت سنته مليئة بالأحزان والضيق العنت. ملخص القول: لن يتغير الكون بسببك، لكنك أنت من تصنع حياتك، فماذا نفعل؟
هناك مجموعة من القرارات الواجب أن يتخذها الإنسان بنفسه كي يعش بنجاح وفلاح. وهذه القرارات الشخصية لا تفوض غيرك في صناعتها، وهذا ما أسميه بتاريخ الميلاد الحقيقي للإنسان، فكل شخص على كوكب الأرض يحمل في هويته تاريخ ميلاده، الذي لم يحدده ولم يشارك في صناعته لكنه رقم رمزي. التاريخ الحقيقي الذي ينبغي أن يحفظه الإنسان ويعتز به هو تاريخ القرارات التي اتخذها هو وصنعها لنفسه، والتي من بعدها تغيرت حياته للأحسن، لو كنت مثلاً مدمناً على السيجارة، تستطيع أن تضع تاريخ إقلاعك عن التدخين كنقطة جديدة في حياتك. هكذا تتنوع قرارات السعادة في حياتنا، ولعل أهمها قرار عبادة الخالق سبحانه وتعالى والتقرب إليه، وهذا ما نسميه بالاستقرار الروحي. وهناك قرار استخدام عقلك الذي قد تكون جمته، واعتمت على رأي غيرك، فقررت أن تطور تفكيرك وتستثمره من جديد، وهناك قرار الصحبة فمن هم شركاؤك في حياتك الخاصة الذين تعيش معهم نعمة السعادة، ومنها قرار المال من أين تجنيه وكيف تستثمره، ومنها قرار الصحة، فما فائدة المال إنْ كنت مريضاً، بمثل هذه القرارات تتغير حياتك للأفضل، وتكون أسعد إنسان، وكل عام وأنتم في سلام.
* أكاديمي إماراتي