قامت دولة الإمارات العربية المتحدة بإقرار استراتيجيات واعتماد خطط وبرامج مكّنت من خلالها أصحاب الهمم، باعتبارهم فئة فاعلة ومؤثرة في الواقع الاجتماعي والاقتصادي للدولة، وصاحبة إسهامات كبيرة في هذا الواقع، عبر إدماج أفرادها في عملية البناء والتطوير، ووفق بيئة دامجة تتيح لهم الوصول المتكافئ للخدمات والحقوق على اختلافها.
وفي حوار صحفي مع الدكتورة بشرى الملا، المديرة التنفيذية لقطاع التنمية المجتمعية في دائرة تنمية المجتمع، كشفت الملا عن مجموعة مخرجات متوقعة لـ «الاستراتيجية الشاملة لأصحاب الهمم في أبوظبي»، التي وفّرت لهم بيئة دامجة تمكّنهم من الحصول على الحقوق والمعلومات، من خلال تكوين ثقافة حقوقية لدى هذه الفئة الاجتماعية، وإشراكها في عملية التحول نحو مجتمع دامج، وخلق بيئة تتيح لهم الوصول المتكافئ إلى الحقوق والخدمات، وتتسم بالجودة والنوعية المتميزة في كل القطاعات الحكومية والخاصة، وإيجاد أطر للتنمية المجتمعية المستدامة، تقوم على وجود بيانات وأدلة وإحصاءات تسهم في تحديد البرامج المناسبة التي تلبي احتياجات أصحاب الهمم، وتقدم لهم الخدمات المطلوبة بمستوى عالٍ من الجودة والتميز.
إن خلق بيئة ممكنة لأصحاب الهمم للحصول على فرص متكافئة في الحقوق والخدمات، يتطلب تسجيل أصحاب الهمم في قاعدة البيانات، حتى يساعد ذلك على توفير خدمات كافية ونوعية تتلاءم مع احتياجاتهم، وفي هذا السياق ركّزت الملا على دور «الاستراتيجية» في الوصول إلى مجتمع دامج لهم، عبر مبادرات سيتم تنفيذها حتى عام 2024، تضع إمارة أبوظبي ضمن أعلى المؤشرات العالمية في تمكين أصحاب الهمم ودعمهم وتوفير تطلعاتهم الإنسانية، التي تستند بالمحصلة إلى ترسيخ قيم المسؤولية الجماعية بين الجهات الاتحادية والمحلية والقطاع الخاص والمجتمع، وذلك بالتوازي مع دور أصحاب الهمم وأسرهم، بوصفهم جزءاً مهمّاً في وضع خريطة طريق تمكّنهم من تفعيل دورهم المجتمعي، بعد أن تتم الاستفادة من آرائهم حول المحاور الأكثر أهمية وذات التأثير المباشر في حياتهم.
وعلى الرغم من التركيز الكبير على إدماج أصحاب الهمم في كل القضايا والمحاور التي تهتم بتأسيس واقع مريح ومستقبل مستدام لهم، وخاصة في مجالات الصحة والتعليم والتوظيف والرعاية الاجتماعية، فإن التركيز الأكبر يكون في تأمين حقهم بالحصول على تعليم لائق يضمن لهم التزود بعلوم ومعارف ومهارات نوعية، وفي هذا الصدد نفذت وزارة التربية والتعليم برامج متخصصة عدّة للطلبة من أصحاب الهمم، خلال جائحة «كورونا»، استفاد منها أكثر من 9600 طالب وطالبة، لعام 2019 - 2020 على مستوى الدولة، حيث تم التعامل مع الطلبة وفقاً لنوع الإعاقة التي يعانونها، فمثلاً تم توفير كتب «برايل» لفئة المكفوفين، وتوفير حقائب تعليمية لفصول التربية الخاصة، ومفسر لغة الإشارة للطلبة الصمّ.
وانطلاقاً من أهمية تمكين الطلبة من الحصول على تعليم نوعي في ظل التوجه نحو «التعليم عن بُعد» في أثناء الجائحة، نفّذت الوزارة خططًا وجلسات شملت الطلبة وأولياء أمورهم والمعلمين، وسخرت الإمكانيات كافة لتمكينهم من الدراسة، وإعداد وتطبيق أدلة موجهات للتعليم والامتحانات، ووفرت لهم أجهزة وحواسيب، كما أسست مجموعات التعليم الدامج على المنصات الإلكترونية المعتمدة، وقامت بعقد جلسات فردية وجماعية للطلبة من أصحاب الهمم، بما يناسب كل فئة واحتياجاتها، ويحقق لها الاستفادة المرجوة.
لقد أدركت دولة الإمارات ضرورة تمكين وإدماج أصحاب الهمم في جميع القطاعات الحيوية التي تمسّ واقعهم الاقتصادي والاجتماعي، فجاءت استراتيجياتها ومبادراتها الخاصة بهذه الفئة لتتفق مع الاتفاقية الدولية للأمم المتحدة لذوي الإعاقة، وتحقق المستهدفات الوطنية في تعزيز حضورهم المؤثر في صياغة القرارات والسياسات، من خلال إشراكهم في رسم مصيرهم بأنفسهم، لتجنيبهم الإحساس بأنهم عالة على المجتمع، أو أنهم يستحقون الشفقة والعطف، وبث الشعور في أنفسهم بأنهم أعضاء فاعلون في قضايا مجتمعاتهم، ومسؤولون كغيرهم عن إيجاد حلول للتحديات التي يواجهونها على اختلاف أشكالها.

* عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.