لو قلنا إن عام 2020 الذي ولى بالأمس قد جعل العالم مستغرقاً في مواجهة وباء «كوفيدـ 19» لما بالغنا، والدليل عليه، أنه ما أن تنفس العالم الصعداء باكتشاف اللقاحات المتعددة لكبح جماح الفيروس، حتى لحقته السلالة الجديدة منها قبيل نهاية العام بأيام معدودات.
و مع هذا الاستغراق، فقد تسللت بين ثنايا 2020 قضايا وأحداث محورية لا يمكن تجاهلها مهما كان الفيروس ضاغطاً على أنفاس البشرية قاطبة. وعلى رأس هرم الأحداث عودة «الديمقراطيين» إلى سدة الحكم في أميركا، وهو ما يعني قلب ظهر المِجن على «الجمهوريين» الذين لا يزال البعض يبحث عن إبرة الفوز ولو في القشة.
وتبع ذلك اختراق إقليمي في مشروع «السلام» الذي ظل معلقاً منذ «أوسلو» وقمة بيروت 2002، مع مبادرة الملك عبدالله، ولقرابة ثلاثة عقود لم تحرك إسرائيل خلالها ساكنا، حتى حانت ساعة 13 أغسطس 2020 في الإمارات لتبادر بالاتفاقية «الإبراهيمية»، من أجل تحريك عملية السلام الذي كادت أن تجف مياهها.
وواصلت كلا من البحرين والسودان والمغرب ومملكة بوتان، على ذات المنوال، وقطار السلام المندفع بانتظار، نيجيريا وإندونيسيا، والقائمة تطول.
و هو ما أكد عليه نتنياهو، بـ«تويتر»: بعد 26 عامًا كانت تخلو من معاهدات سلام، توصلنا إلى 4 اتفاقيات في غضون ما يقل عن 4 أشهر، هذا سيجعل الشرق الأوسط مكانًا أفضل.
ومن أفق السلام إلى «الانفجار العظيم» في الكوكب «اللبناني، والذي اعتبر أضخم انفجار بعد نجازاكي وهوريشيما، في دولة لا تحتمل أوضاعها السياسية والاقتصادية والطائفية المزيد من الانفجارات». 
و كما دارت المزايدات حول الانفجار الذي أودى بحياة الحريري، احتدم السجال حول انفجار مرفأ بيروت، فلم يختلف هذا عن ذاك.
و لكن الفارق الكبير بين الانفجارين، هو أن الأخير أدى إلى انفراجة مع إسرائيل لم تكن متوقعة في ظل وجود حزب الممانعة في عمق الدولة اللبنانية. 
والمفارقة الأشد هو في موافقة «حزب الله» وحركة «أمل» على المشاركة في مباحثات ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل بشرط أن يكون الأعضاء من العسكريين فقط؟! 
لقد هرع «ماكرون» من دون كل قادة العالم لإنقاذ لبنان، انطلاقا من الإرث والتاريخ الاستعماري، إلا أنه رجع القهقري إلى باريس ليلملم جراحه في حادثة قطع رقبة المدرس الذي أساء إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم وقد أنسته لبنان وغيره دون أن يتوصل إلى الحل.
وفي عام 2020 اشتعلت الحرب بين أرمينيا وأذربيجان بعد أن تم دفنها تحت رماد عام 1993، وإن كانت التحرشات الجانبية في القوقاز لم تتوقف بين فترة وأخرى حتى أطلت الحرب المدمرة برأسها من جديد.
حرب «ناجورنا كارابخ» في قلب أذربيجان، أطلت برأسها في 2020 حيث ناشدت الأمم المتحدة منذ بداية جائحة «كوفيدـ 19» كافة البقع الساخنة على استحضار برودة الأعصاب للتخلص من COVID 19 بدل فتح جبهات من شأنها أن تعطل الجهود الدولية لمكافحة هذا الفيروس الجامح.
إلا أن «كورونا» قد أعلن عن فشله في وقف اندلاع الحرب من جديد تشابكت خلالها خطوط التماس للدوليتين المتصارعتين.
في هذا الصراع نلفت إلى مفارقات مواقف بعض الدول، روسيا آثرت الحياد مع أرمينيا رغم وجود اتفاقية دفاع مشتركة، وتركيا وقفت بكل قوة مع أذربيجان بدافع قومي، والغريب أن تقف إيران مع أرمينيا ضد أذربيجان رغم أنها شيعية عقاباً لها لعدم اعترافها بولاية الفقيه وآثرت العلمنة على التشيع، أما إسرائيل فهي التي تمد أذربيجان بالسلاح. ومع ذلك وقف وباء «كورونا» متفرجاً على الحرب الأهلية الإثيوبية، إلى هنا لا ينتهي الحصاد بل هذا موجزه.