شهد قطاع السياحة في دولة الإمارات العربية المتحدة تطوراً كبيراً منذ تأسيس الاتحاد قبل نحو خمسين عاماً، وتحولت الإمارات مع هذا التطور إلى وجهة سياحية رئيسية على مستوى الإقليم والعالم، وأصبحت السياحة أحد القطاعات الاقتصادية المهمة ومصدراً قويًّا للدخل الوطني ولدخل كل إمارة على حدة، وهو ما تؤكده الإحصائيات الرسمية وتصريحات المسؤولين.
وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى تصريحات حديثة لوكيل دائرة الثقافة والسياحة- أبوظبي، سعود الحوسني، قال فيها، إن مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي الإجمالي لإمارة أبوظبي بلغت 31 مليار درهم خلال عام 2019، وتوقع أن تسجل تلك المساهمة 71 ملياراً بحلول عام 2030، مشيراً إلى أن إنفاق الزوار في الإمارة خلال العام المذكور وصل إلى 9 مليارات درهم، متوقعاً أن يصل إلى 24 ملياراً في عام 2030. 
وممّا لا شك فيه أن هذا التطور الكبير الذي شهده قطاع السياحة في دولة الإمارات لم يحدث بشكل غير مبرمج، بل إنه تم وفقاً لاستراتيجيات وخطط قصيرة المدى وطويلة المدى، شملت تطبيق أفضل المعايير لتعزيز ثقة السائح بالإمارات، كما عملت الدولة على تنويع المنتجات والمزارات السياحية من خلال بناء المدن والمنتجعات الترفيهية وتشييد المتاحف، والترويج الفاعل لمعالم الدولة في الأسواق السياحية الخارجية ودعم عملية الاستثمار في هذا القطاع، كما تم العمل على النهوض بالسياحة النوعية ومنها السياحية العلاجية وغيرها، وهذه الاستراتيجيات والخطط كان لها أكبر الأثر في تحقيق دولة الإمارات هذه المكانة المتميزة التي باتت تحتلها على خريطة السياحة العالمية. 
ويأتي الاهتمام بتطوير قطاع السياحة في دولة الإمارات ضمن هدف مركزي يتمثل في تنويع مصادر الدخل القومي، وعدم استمرار الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي أو وحيد لهذا الدخل، ومن ثم فقد احتل هذا القطاع مكانة متميزة في الخطط والبرامج الهادفة إلى تعزيز عملية التنويع الاقتصادي، ومنها رؤية الإمارات 2021، ومئوية الإمارات 2071، وقد حقق هذا الاهتمام بالسياحة نتائج إيجابية رائعة، حيث باتت الدولة مقصداً سياحيّاً استقطب نحو 21 مليون زائر في نهاية 2018، وقفزت مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي إلى أكثر من 161 مليار درهم، ومن المتوقع أن ترتفع مساهمة السياحة في الناتج المحلي الإجمالي إلى 234.2 مليار درهم بحلول عام 2027، وهو ما يؤكد التطور والنمو الكبيرين اللذين شهدهما القطاع السياحي، كما يؤكد في الوقت نفسه صوابية المنهج والرؤى التي اتُّبعت لتطوير هذا القطاع كقطاع رئيسي من قطاعات الاقتصاد الوطني للدولة. 
وفي ظل ما يشهده القطاع السياحي من تطور مستمر، تعزز دولة الإمارات بشكل متواصل موقعها على خريطة السياحة العالمية، وقد حلّت الدولة مؤخراً في المرتبة الرابعة عالميّاً والأولى في الشرق الأوسط، ضمن قائمة أكثر الوجهات السياحية المفضلة للسفر خلال عام 2021، والصادرة عن مجلة (كوندي ناست ترافيلر)، التي توقعت أن تشهد الدولة رواجاً سياحيًّا استثنائيًّا خلال العام الحالي، بفضل ما تزخر به من مقومات سياحيّة متعددة، فضلاً عن استعدادها لاستضافة العالم في معرض «إكسبو 2020 دبي» خلال شهر أكتوبر المقبل، ووفقاً للقائمة التي تصدّرتها كل من سلوفينيا والمملكة المتحدة والبرتغال، تفوقت دولة الإمارات التي جاءت في المرتبة الرابعة على العديد من الوجهات السياحية العالمية، مثل فنلندا وأستراليا وجزر الكناري وجمهورية الدومينيكان في الكاريبي والمكسيك، وغيرها من الوجهات على مستوى العالم. 
إن التطوير الكبير الذي شهده قطاع السياحة في دولة الإمارات العربية المتحدة جعله أحد القطاعات الرئيسية للاقتصاد الوطني، ومما لا شك فيه أن هذا التنامي المستمر في هذا القطاع يعزز عملية التنويع الاقتصادي التي تحتل مكانة متقدمة في أجندة أهدافنا الوطنية، وهو في الوقت نفسه يؤكد نجاح الخطط والاستراتيجيات التي تم اتباعها لتعزيز دور ذلك القطاع، الذي سيقوم خلال المرحلة المقبلة بدور أكبر في تعزيز عملية التنمية الشاملة التي تشهدها الدولة.

* عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.