شاهد العالم بجزع مشهداً سريالياً نادراً في مبنى الكابيتول الأميركي، يوم الأربعاء الماضي، حيث اقتحم المشاغبون الموالون للرئيس دونالد ترامب حواجز الشرطة واحتشدوا في المبنى، مما عطل التصويت الذي من شأنه إضفاء الطابع الرسمي على فوز جو بايدن في الانتخابات الرئاسية. قبل وقت قصير من اقتحام المتظاهرين للكونجرس، أعلن مايك بنس نائب الرئيس أنه لن يرفض نتائج الانتخابات.
كان رد فعل العديد من المراقبين الأجانب، الذين تمسّكوا بالفعل بأخبار الفصول الأخيرة من ملحمة الانتخابات، مرعوباً وحزناً، لا سيما في الدول الحليفة التي كانت تتطلع إلى الديمقراطية الأميركية كمصدر إلهام.
كتب «أرمين لاشيت»، زعيم ولاية (شمال الراين وستفاليا) الولاية الفيدرالية الأكثر اكتظاظاً بالسكان في ألمانيا، على تويتر: «كان كونجرس الولايات المتحدة رمزاً للحرية والديمقراطية في جميع أنحاء العالم منذ قرون». «الهجمات على مبنى الكابيتول من قبل أنصار ترامب المتعصبين تؤذي كل صديق للولايات المتحدة.».
في أنحاء كثيرة من أوروبا، ردد كبار المسؤولين هذه المشاعر. وصف رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون مشاهد الفوضى بأنها «مشينة». قال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو لمحطة الإذاعة الكندية News 1130 في فانكوفر: إن حكومته قلقة و«تتابع الموقف دقيقة بدقيقة». وقال:«أعتقد أن المؤسسات الديمقراطية الأميركية قوية، وآمل أن يعود كل شيء إلى طبيعته قريباً».
ردود الفعل التي تصاعدت من الحلفاء والمراقبين الأجانب، أوضحت إحدى السلبيات الرئيسية لعهد ترامب، وهي تشويه النموذج الأميركي للمؤسسات الديمقراطية- خاصة في عيون أصدقاء الولايات المتحدة. أحداث يوم الأربعاء نقلت الأمور في المشهد الأميركي إلى منطقة مقلقة: فقد تحولت هجمات اليمين المتطرف على الديمقراطية إلى حقيقة.
كما أتاحت الاضطرابات فرصة للبلدان ذات السجلات الضعيفة في مجاليّ حقوق الإنسان والديمقراطية لإلقاء محاضرة على قوة عظمى. على سبيل المثال دعت تركيا، حليف الولايات المتحدة في «الناتو» التي تمت إدانتها على نطاق واسع لسجن الآلاف من النقاد والأكاديميين والصحفيين والفنانين وشهدت شراكتها مع الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة، جميع الأطراف في الولايات المتحدة إلى التحلي بضبط النفس والفطرة السليمة. في بيان صادر عن وزارة الخارجية.
والأمر نفسه بالنسبة لفنزويلا - المتورطة في أزمتها السياسية والاجتماعية منذ سنوات - أصدر وزير خارجية الرئيس نيكولاس مادورو، خورخي أريازا، بياناً يدين «الاستقطاب السياسي ودوامة العنف التي تعكس الأزمة السياسية والاجتماعية العميقة. الولايات المتحدة تشهده حالياً». 
قارن دبلوماسي أوروبي كبير الصور بأحداث قرغيزستان، حيث اقتحم المتظاهرون برلمان البلاد في بيشكيك في أكتوبر الماضي. تحدث الدبلوماسي بشرط عدم الكشف عن هويته للتحدث بصراحة عن العنف في دولة حليفة.
وصف نيكولا ستورجون، الوزير الأول لأسكتلندا، الوضع بأنه «مرعب للغاية» ودعا إلى «التضامن مع هؤلاء». في جانب الديمقراطية والتداول السلمي والدستوري للسلطة. غرد رئيس الوزراء الأيرلندي ميشال مارتن قائلاً: إن الشعب الأيرلندي لديه «علاقة عميقة بالولايات المتحدة» وإن «الكثيرين مثلي، سيشاهدون المشاهد التي تتكشف في واشنطن العاصمة بقلق وفزع كبيرين». أعداء الديمقراطية تسعدهم رؤية هذه الصور المذهلة من واشنطن. وتتحول الكلمات المثيرة للشغب إلى أعمال عنف - على درجات مبنى الرايخستاغ، والآن في كابيتول، كتب وزير الخارجية الألماني هايكو ماس على تويتر، في إشارة إلى متظاهرين من اليمين المتطرف هرعوا إلى مبنى البرلمان التاريخي في أغسطس. «ازدراء المؤسسات الديمقراطية أمر مدمر».
تحولت أعين كثيرة بالفعل إلى الولايات المتحدة، حيث كان المراقبون الأجانب يتتبعون سباق الإعادة على مجلس الشيوخ المتنازع عليه بشدة في جورجيا. بحلول بعد ظهر الأربعاء، تم الإعلان عن الفائزين بالمرشحين «الديمقراطيين»، رافائيل وارنوك وجون أوسوف، مما أدى إلى تحويل مجلس الشيوخ إلى «الديمقراطيين» ومنح الحزب السيطرة على البيت الأبيض والكونغرس.
*كاتبة أميركية متخصصة في الشؤون الخارجية ومن كُتاب دورية فورين بوليسي
ساهم في هذا التقرير كل من ستيف هندريكس من واشنطن بوست في القدس، وتشيكو هارلان في روما، وريك نواك في باريس، ومايكل بيرنباوم في ريغا، لاتفيا، وآدم تايلور في واشنطن.
- - -
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»