بعد وباء الإنفلوانزا لعام 1918، الذي قتل زهاء 670 ألف أميركي، بُذل جهد منسق في الولايات المتحدة لإدخال الاحترافية إلى المستشفيات والرعاية الصحية الأميركية. وأصبحت الصحة العامة تحظى بالأولوية من حيث الإنفاق الحكومي. واليوم، هناك حاجة لمقاربة مماثلة بخصوص الطعام والجوع، لأن الوباء والضرر الاقتصادي الذي نجم عنه تسببا في أزمة جوع في أميركا. ولهذا، فإن صياغة رد احترافي، مع الدعم الكامل من الحكومة الفدرالية، عبر مختلف الوكالات والوزارات، أمر أساسي. فوفق أحدث البيانات الإحصائية، فإن قرابة 26 مليون أميركي يقولون إنهم لا يملكون ما يكفي للأكل كل أسبوع. والواقع أن الجمعيات الدينية والمنظمات غير الربحية والمتطوعين الذين يديرون «المطابخ المجتمعية» و«بنوك الطعام» يقومون بعمل جبار، ولكن حجم العمل اللازم كبير جداً. والمساعدة التي يوفرها «برنامج مساعدة التغذية التكميلية» التابع لوزارة الزراعة غير كاف مطلقاً.
ثم إن هذه ليست أزمة حضرية أو أزمة ريفية. وهي تظهر في الصفوف الطويلة من الناس على أرصفة مدينة نيويورك وفي الطوابير الطويلة للسيارات في شرق تكساس، حيث ينتظر المصطفون توزيع طعام مجاني.
لقد تجاوزنا النقاشات القديمة حول الرفاهية والاعتماد على الذات. فالآلاف من موظفي «وولمارت» و«ماكدونالدز» يعتمدون على «قسائم الطعام» التي يوفّرها «برنامج مساعدة التغذية التكميلية» لإطعام أنفسهم وأسرهم.
لكن ما الذي تفعله الحكومة الفيدرالية بخصوص هذه الأزمة التي يعاني منها 1 من أصل 10 بالغين أميركيين؟ ليس ما يكفي. فالحكومة الفيدرالية تمنح «بنوك الطعام» 500 مليون دولار فقط في سنة عادية، وهو ما يمثل نحو 20 دولاراً لكل أميركي جائع في السنة. وفي سنة الوباء هذه، يكافح الكونجرس من أجل رفع «برنامج مساعدة التغذية التكميلية» بنسبة 15٪، وهو ما من شأنه أن يضيف 80 سنتاً فقط إلى الحصة اليومية القصوى لكل فرد من أفراد أسرة من أربعة أشخاص. وهذا يعادل في الواقع أقل من علبة فاصولياء.
إن الجولة الجديدة من الإنفاق التحفيزي التي يتم التفاوض بشأنها حالياً ستكون بكل تأكيد دون ما هو مطلوب، غير أن تلك الدولارات الفيدرالية يمكن أن نجعلها تذهب إلى حد أبعد، عبر دعم كل من قطاع الأغذية الذي يعاني والأميركيين الذين يعانون. والمشرّعون ليسوا مضطرين للاختيار بين مساعدة المطاعم وإطعام الجوعى: ذلك أن المطاعم تستطيع إطعام الجوعى بدعم فدرالي، كما أنه لا حاجة للاختيار بين دفع المال للمزارعين من أجل إتلاف محاصيلهم أو دعم «بنوك الطعام»: إذ يمكن دفع المال للمزارعين لتموين بنوك الطعام.
ولأنه يصعب علينا أن نرى الجوع ولا نتحرك، في الوقت الذي يصعب فيه على «الوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ» الاستجابة الكافية لهذه الكارثة، فقد بدأتُ العمل مع مجموعة من المشرّعين من كلا الحزبين في واشنطن، الربيع الماضي، من أجل تطوير مشروع قانون «فيد» الذي يهدف لتوفير وجبات مغذية للمحتاجين، رداً على أزمة فيروس كورونا.
الأميركيون الجائعون ليس لديهم جماعات ضاغطة، ولكن لديهم أعضاء يمثلونهم في الكونجرس. إن مشروع قانون «فيد» يوجه «الوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ» بالعمل مع الحكومات المحلية والحكومات التابعة للولايات من أجل خلق مخططات إطعام، تنفذها منظمات غير ربحية ومطاعم. وهو لا يتطلب أي دولارات جديدة، ولكن عوضاً عن ذلك يوجه باعتماد «الوكالة الفدرالية لإدارة الطوارئ» على «صندوق الإغاثة في الكوارث» من أجل تخفيف المعاناة فيما أصبح أكبر كارثة تعرفها البلاد في العقود الأخيرة. وسيفعل ذلك من دون أن يزيد من العبء المالي للولايات والمدن والمقاطعات التي تعاني أصلاً.


*مؤسس منظمة «وولرد سانترل كيتشن» غير الربحية التي تقدم وجبات مجانية للمحتاجين
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»