سيستغرق استيعاب التأثير الذي ستتركه ولاية دونالد ترامب الوحيدة كرئيس على الولايات المتحدة والمجتمع الدولي، وبالتالي تركته، سيستغرق عدة أشهر. غير أن ثمة موضوعين بدأت تدقّق فيهما وسائل الإعلام بشكل خاص مؤخراً: إدارة وباء «كوفيد-19»، والاختلافات الحادة في الآراء داخل الحزب الجمهوري فيما يتعلق بالتأثير المقبل لترامب على طبيعة الحزب واتجاهه. 
ولا شك في أن أحد أصعب المواضيع التي تواجه إدارة بايدن تتعلق بتوزيع لقاحات «كوفيد-19» الجديدة على أكثر من 300 مليون مواطن أميركي. إذ تشير كل المؤشرات إلى أن المعلومات التي قُدمت لإدارة بايدن، خلال الفترة الانتقالية من 3 نوفمبر 2020 إلى 20 يناير 2021 كانت مفتقرةً للتنظيم.
والواقع أن الوضع الحالي في الولايات المتحدة لا يمكن وصفه سوى بـ«الفوضوي»، ذلك أنه إذا كانت الحكومة الفدرالية لديها على ما يفترض سيطرة على التوزيع الوطني للقاحات، فإن كل واحدة من الولايات الأميركية الخمسين ومقاطعة كولومبيا لديها مسؤولية توزيع اللقاح وإعطائه المواطنين. وإذا حدث اضطراب في سلسلة التوريد، فإن النظام برمته يتعطل. ذلك أن عملية إعطاء اللقاح (المباشرة) هي مسؤولية العشرات من الكيانات المختلفة في كل ولاية ومقاطعة، بما في ذلك المستشفيات ومتاجر البيع بالتجزئة الكبرى والصيدليات والعيادات. ولا أحد منها يعرف عدد اللقاحات التي سيتلقاها في اليوم التالي. وما عدا إذا كنت من عمال الخط الأول في القطاع الصحي، فإن الحصول على موعد لتلقي اللقاح يُعد كابوساً حقيقياً.
وإلى جانب عمال الخط الأول، فإن المجموعة التالية المؤهلة لتلقي اللقاح هي تلك التي تضم الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 75 عاماً وأولئك المصابين بظروف صحية خطيرة. والحال أن العديد من الأشخاص ضمن هذه الفئة ليست لديهم إمكانية الوصول إلى خدمات الإنترنت، كما أن الأشخاص الذين لديهم هذه الإمكانية لا يعرفون كيفية الدخول إلى المواقع الإلكترونية التي تعطي مواعيد. والنتيجة هي شعور كبير بالإحباط والمرارة تجاه السلطات، وخاصة إدارة ترامب التي كانت لديها شهور للاستعداد لهذه العملية. 
ومن الواضح أيضاً أن فشل فريق ترامب الاستشاري بخصوص «كوفيد-19» في أن يكون له تأثير إيجابي على سلوك ترامب، أدى إلى ازدراء تام بالتباعد الجسدي، وارتداء الكمامات من قبل نخبة الحزب الجمهوري التي حضرت العديد من التجمعات في البيت الأبيض، والتي تبين لاحقاً أنها تسببت في إصابات كثيرة بالفيروس. ومنذ مغادرة ترامب، عبّر اثنان من أكبر مستشاريه العلميين بخصوص «كوفيد-19»، هما الدكتور أنتوني فاوتشي، والدكتورة ديبورا بركس، عن انتقادهما للتجاهل الذي كانت تُقابَل به نصائحُهما. 
أما فيما يخص الاختلافات الكبيرة في الآراء داخل الحزب الجمهوري في ما يتعلق بتأثير ترامب المقبل على طبيعة الحزب واتجاهه، فإن التمرد الداخلي في واشنطن يوم 6 يناير 2021، كان له تأثير صادم على أنصار ترامب. هؤلاء الأنصار، وخاصة داخل طبقة العمال البيض، ما زالوا يدعمونه ويقفون إلى جانبه، لكن العديد من أعضاء الكونجرس الجمهوريين شعروا بالاستياء الشديد بسبب مساهمته في الهجوم على مبنى الكونجرس تحديداً، في الوقت الذي كانت فيه الهيئة التشريعية (بفرعيها) تعقد جلسة مشتركة من أجل الموافقة رسمياً على فوز بايدن بالانتخابات. وقد صوّت عشرة أعضاء جمهوريين بارزين في مجلس النواب لصالح عزله إلى جانب كل الديمقراطيين في 13 يناير 2021. هؤلاء الأعضاء، ومن بينهم النائبة البارزة ليز تشيني (ابنة نائب الرئيس السابق ديك تشيني)، تلَقَّوا جميعهم تهديدات من أنصار متطرفين لترامب، كما أن هناك جهوداً تُبذل حالياً لتحدّيهم في انتخابات نوفمبر 2022 النصفية. 
وخلاصة القول هي أن المعركة حول روح الحزب الجمهوري بدأت للتو. فترامب ما زال في فلوريدا، وما زال لا يستطيع الوصول إلى حسابه على تويتر، غير أنه حالما يستعيده، يمكننا توقع العديد من نوبات الغضب، وخاصة عندما تبدأ محاكمة عزله الجديدة. وهذا سيُخرج أنصاره الذين سيحثّون كل السيناتورات الجمهوريين على التصويت لمصلحة البراءة. وحينها ستتضح أهمية ترامب كلاعب خلال الأشهر المقبلة.