تبنّت دولة الإمارات العربية المتحدة، منذ تأسيسها، نهج تقديم المساعدات الإنسانية، ومدّ يد العون إلى المحتاجين في كل أنحاء العالم. وأصبح اسم الإمارات مرادفًا للعمل الإنساني والخيري، الذي استفاد منه مئات الملايين، خلال العقود الخمسة الماضية من عمر الدولة، ترسيخًا لنهجها الدبلوماسي المكين والقائم على تعزيز قيم التضامن الإنساني، والتعاون الدولي في مواجهة الأزمات، ومدّ يد العون للمجتمعات المتضررة في كل مكان.
وفي هذا الإطار، جاء افتتاح مركز غسل الكُلَى في مدينة هرجيسا بجمهورية أرض الصومال، قبل أيام، تنفيذًا لتوجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وبدعم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، وبمتابعة مباشرة من سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة رئيس مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية، ليلبي حاجة مُلحّةً تتعلق بإنقاذ حياة مواطني أرض الصومال الشقيقة، الذين يواجهون ظروفًا صحية ومعيشية قاسية، خصوصًا في ظل جائحة «كوفيد- 19»، إذ سيقدّم المركز خدماته لأكثر من 30 مريضًا في اليوم الواحد.
ويعد افتتاح مركز الكُلَى في مدينة هرجيسا، الذي أنشأته مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية، جزءًا من المبادرات التنموية التي تتعهد بتقديمها دولة الإمارات للأشقاء والأصدقاء في الدول النامية عمومًا، ولجمهورية أرض الصومال على وجه الخصوص، بما يخفّف من وطأة المعاناة الإنسانية لمواطنيها، خصوصًا الصحية منها، والتي ظهرت وتعمّقت خلال عام 2020، جرّاء جائحة «كوفيد- 19»، في ظل ضعف الأنظمة الصحية، وقلّة الموارد البشرية واللوجستية اللازمة لدعم القطاع الصحي، والعاملين فيه من أطباء وممرضين وفنّيّين، وهو ما ينسجم بالمحصلة مع قيم دولتنا في العطاء والبذل، والوقوف إلى جانب الأشقاء الذين يعانون ويلات الكوارث والأزمات، على اختلافها.
لقد قدّمت دولة الإمارات مساعدات كبيرة لجمهورية أرض الصومال، تمثّلت في معظمها بمشروعات تنموية، تسهم في تعزيز مسيرة التنمية الشاملة فيها، وتنعكس إيجابيًّا على تحسين الواقع المعيشي لسكانها، اجتماعيًّا واقتصاديًّا وخدماتيًّا، لاسيما في القطاع الصحي، وقطاع التعليم، والبنية التحتية، والإسكان، خصوصًا في ظل الظروف الصحية الاستثنائية التي يمر بها العالم في هذه المرحلة. فقبل أيام من افتتاح مركز غسل الكُلَى في هرجيسا، افتتحت مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية، في 19 يناير الجاري، مستشفَيْين في جمهورية أرض الصومال: الأول «مستشفى الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان» العام، في مدينة «بربرة» شمال غرب الصومال، والآخر مستشفى متخصص للنساء والولادة، في مدينة «برعو». كما دشّن صندوق أبوظبي للتنمية، في 14 يناير الجاري، مشروع محطة للطاقة الشمسية في أرض الصومال بهدف تغذية شبكة الكهرباء المحلية، وتلبية احتياجات مدينة بربرة من الطاقة الكهربائية.
إن اهتمام دولة الإمارات بتقديم المساعدات الإنسانية للأشقاء والأصدقاء في كل مكان يأتي انسجامًا مع الفلسفة التي نشأت عليها منذ عام 1971، والتي تركز على توجيه تلك المساعدات باتجاه المجالات والقطاعات ذات الأولوية، وتشمل القضاء على الفقر، وتعزيز فاعلية الحكومات، وتمكين النساء والفتيات والأطفال، إضافة إلى توجيهها إلى البرامج القطاعية الحيوية كالنقل، والبنية التحتية، والتعليم، والصحة، وذلك في إطار سياسة الدولة العامة القائمة على دعم أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة 2030، التي تجسّدت، منذ بدء الجائحة، في حرص الدولة على إرسال مساعدات تتضمن آلاف الأطنان الغذائية والطبية، يتم من خلالها دعم حكومات دول العالم في الحدّ من انتشار الجائحة، وتمكين الكوادر العاملة في القطاع الصحي من القيام بأدوارها في حماية صحة الناس وحياتهم من انتشار الفيروس.

* عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.