بين تغريدة للأمير عبد الرحمن بن مساعد، حول دور الإعلام ومسؤولياته، ونشر قصيدة (جمرة هل العوجا) للأمير بدر بن عبد المحسن بحر يوم أو أدنى، إلا أن كليهما تحدث بلسان حال كل مواطن خليجي، حينما يتعلق الأمر بمكان ومكانة المملكة العربية السعودية وجدانياً. المساءلة أو تقبل النقد أمر دخيل على ثقافتنا العربية، إلا أنه بدأ يتأصل سلوكاً ظاهراً بفضل برامج الإصلاح والتنمية في فضاء الإعلام، والافتراضي بشكل أكبر. وكان للمغرد السعودي دور حيوي واستباقي في تطهير «تويتر» من تسلط الجبهة «الصحوية»، وتحجيم حسابات رجالاتها منذ 2012. كذلك كان لهم وأخوتهم الخليجيين دور رائد في التصدي لحملات استهدفت الموقف المعنوي والسياسي للمملكة العربية السعودية حتى يومنا هذا. وما سبق يقودنا لمساجلة غير مباشرة أو مباشرة عبر تويتر بين الأمير عبد الرحمن بن مساعد وأحد رموز الإعلام السعودي الحديث، بعد أن انتقد الأمير أداء الإعلام السعودي خارجياً. فجاء رد الإعلامي السعودي «ليس من مسؤولية الإعلام أداء دور مؤسسة علاقات عامة بالنيابة عن الدولة».
المطالبة بأن يكون للإعلام حضور خارجي لم تعد ترفاً قابلاً للتأجيل، بل تموضع تكتيكي في إدارة واحتواء الأزمات، ومصدر موثوق ومعتمد للخبر أو القصة الخبرية، وحضور قادر على مخاطبة الثقافات الأخرى بأدوات ثقافاتها (وليس اللغة فقط). ولنتناول أحد نماذج قصور إعلامنا، «تيموثي لندركنغ»، المبعوث الأميركي الخاص لليمن، جال في عدة عواصم خليجية ضمن جهود لتطوير رؤية أميركية - سعودية لإخراج اليمن من أزمته القائمة. قرأنا تصريحات خاصة لذلك المسؤول من خلال الإعلام الأميركي، وكان آخرها ما أدلى به في 12 مارس الجاري حول زيارته للمجلس الأطلسي Atlantic Council، في حين أن إعلامنا المرئي والمسموع والمطبوع لم يسجل لقاءً واحداً مع هذا المسؤول. ونادراً ما يجتهد إعلامنا في عمل مثل تلك اللقاءات، رغم أهمية أن يكون لإعلامنا السبق والحضور في مثل تلك الملفات.
وإليكم دليل على أن ذلك ممكن جداً، على هامش حوار المنامة 2019 كان لي وأحد الزملاء من الإعلاميين حوار مع مدير مكتب قائد القيادة الوسطى الأميركية، وتناولنا فكرة استضافة ذلك القائد لإجراء حوار حول رؤية الولايات المتحدة الأمنية للمنطقة. فكان الرد: على الرحب والسعة ويسعدنا ذلك، ويمكنكم التنسيق معي بشكل مباشر حول ذلك. مكاتب إعلامنا والمراسلون موجودون في كل العواصم، وكم نتمنى لو كان لكل قناة تسجيل لقاء مع مسؤوليهم السياسيين والمشرعين للوقوف على موقفهم من قضايانا، أو استطلاع رأيهم قبل زيارة الشرق الأوسط. كذلك على دولنا إعطاء إعلامنا الأولوية ليكون المصدر الأول للخبر، ولا أقصد الخبر المحلي فقط، فعندما يكون لإعلامنا دوره في نقل أخبارنا الكبرى فإنه سيحظى بمكانة المصدر لدى الإعلام الدولي.
يجب أن نعترف بأن التكامل المرجو بين دور الإعلام ومكانته، ومفهوم توظيف أدواته، لا زال يكتنفه القصور الكثير. فإن أردنا مغادرة مربع الأرق إعلامياً فعلينا محاولة اكتشاف حدود جديدة تتناسب وثقافة دخولنا حقل الفضاء، وإنتاج مصادر الطاقة المتجددة مثل الهيدروجين الأخضر.
حالة عدم الرضى عن أداء إعلامنا لم تعد محصورة بالإنتلجنسيا الخليجية، ويجب أن يتسع صدر القائمين على إعلامنا لنقد الخاصة، وكذلك قبول الموقف الشعبي منها، لأنه يملك أن يكون له رأي إن استمر الإعلام في تجاهل حجمه أو تهميش رأيه.
* كاتب بحريني