الإعلان الذي صدر مؤخراً حول اعتزام الصين وروسيا التعاون لبناء محطة أبحاث قمرية يمثل مؤشراً سيئاً. ولئن كانت التأثيرات الفورية للإعلان ضئيلة وفي الحدود الدنيا، إلا أنه يمثل مؤشراً آخر على تقارب متزايد بين موسكو وبكين في اتجاه تحالف بحكم الواقع ضد الغرب. 
والواقع أن محطة الأبحاث القمرية نفسها لا تنطوي على أهمية أو تهديد فوريين. فالخطط نفسها تشير إلى أن المحطة لن تبنى قبل ثلاثينيات هذا القرن، وأن وجوداً طويل المدى للبشر هناك لن يكون يتأتى إلا بعيداً في المستقبل. وبالتالي، فعلى الأميركيين ألا يقلقوا.
ثم إن هناك مؤشرات على أن الولايات المتحدة قد تنشئ قاعدتها الخاصة أولاً. فمشروع «آرتيميس» التابع لوكالة الفضاء الأميركية «ناسا» يتوقع إعادة البشر إلى القمر بحلول 2024. ويخطط لإنشاء قاعدة قمرية دائمة في المدار، تدعى «جيتواي» أو «البوابة»، في إطار هذا المشروع أيضاً. وقد وافقت ثماني دول، بما في ذلك المملكة المتحدة وإيطاليا واليابان والإمارات العربية المتحدة، الدخول في شراكة مع هذا المشروع. 
غير أن هذا في حد ذاته مؤشر يبعث على القلق. فروسيا والصين تتعاونان منذ معظم العقد الماضي بشكل متزايد. إذ تبيع روسيا للصين، منافستها السابقة، أسلحة عسكرية متطورة، ما زالت تُعد من عدة نواح أكثر تفوقاً من التكنولوجيا المصنوعة في الصين. ويجري جيشا البلدين مناورات عسكرية مشتركة، بما في ذلك تمرين ثلاثي الأطراف مع إيران في المحيط الهندي الشهر الماضي. واللافت هنا أن الرئيس الروسي رفض استبعاد سيناريو تحالف عسكري رسمي مع الصين في المستقبل. 
ولكن ظهور محور موسكو-بكين-طهران ينبغي أن يقلق الرئيس جو بايدن. إذ تخيل سيناريو تعمل فيه قوى مدعومة من روسيا على تقويض بلدان الناتو المجاورة تماماً مثلما يهدِّد وكلاءُ إيران إسرائيل أو الدول العربية في الخليج العربي. وإذا كانت الولايات المتحدة كثيراً ما تجد صعوبة في إدارة أزمة واحدة، فما الذي سيحدث لو اضطرت لإدارة ثلاث أزمات أو أربع في وقت واحد؟ 
هذا التحدي هو التحدي الأهم الذي يجب على بايدن أن يواجهه. ويمكنه أن يختار معاملته كأمر واقع ويسعى لمجابهته بمزيد من القوة الأميركية وتحالف عالمي قوي وملتزم أيضاً بهذا الهدف. أو يمكنه أن يسعى إلى تقسيم المحور عبر استمالة روسيا بالكف عن ميلها نحو الصين، غير أن ذلك سيقتضي على نحو لا مفر منه منح روسيا أشياء تريدها مثل الهيمنة على أوكرانيا أو ربما سحب قوات «الناتو» من دول البلطيق الحليفة لنا. أو يمكنه أن يختار تجاهل إشارات التحذير إلى حد كبير، وإخفاء خطورة التحدي بكلمات لا تدعمها قدرات أميركية متزايدة.
بيد أن أياً من هذه المبادرات ستكون مهمة إذا لم تشرع الولايات المتحدة في إعادة الاستثمار في الأمن الوطني والفضاء. فرغم الزيادات في الميزانية في عهد إدارة ترامب، إلا أن الإنفاق الأميركي على الدفاع يظل قريباً من انخفاض ما بعد 1960 كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي. وهذا ببساطة غير كاف بالنظر إلى الالتزامات العالمية ومصالح الولايات المتحدة. كما تقلصت ميزانية «ناسا» أيضاً مع مر السنين، إذ باتت تنفق أقل من نصف ما كانت تنفقه خلال الستينيات عندما كان مشروع «أبولو» في ذروته. والحال أن الولايات المتحدة لا يمكنها أن تواجه محوراً بقيادة بكين من دون زيادات مهمة في كلتا الميزانيتين.
كاتب أميركي، زميل مركز الأخلاق والسياسة العامة في واشنطن 
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلوميبرج نيوز سيرفس»