في نهاية القرن التاسع عشر، تدفق ملايين المهاجرين إلى الولايات المتحدة. لكن البلاد التي كان كثيرون منهم يتصورون أنها مرحبة بهم اكتشفوا أنها ترتاب فيهم بل وتعاديهم. ففي مواني دخول البلاد كان في انتظارهم الخوف من تأثيرهم على الصحة العامة والصورة النمطية السلبية عن جماعات المهاجرين باعتبارهم حاملي أمراض، هذا بالإضافة إلى عمليات التفتيش الصحي المهينة والتطفلية. ومعرض (الخارج/الداخل) الرقمي في «مكتبة الطب القومية» يخبرنا بقصة خبرات هؤلاء المهاجرين مع الرعاية الصحية على مدار 130 عاما. إنها قصة تحول كبير في حياة الأمة وحياة الأشخاص الذين جاءوا سعيا وراء الفرص في هذه البلاد. وعلى امتداد الطريق، تطورت المفاهيم عن الصحة إلى جانب تطور مهنة الطب. 

وفي «الحقبة التقدمية» في الولايات المتحدة -من عشرينيات إلى ستينيات القرن العشرين- لبى الممرضون الذين كانوا يقيمون في «مستوطنة شارع هنري» في نيويورك حاجات كثيرين من الوافدين الجدد. ويقدم لنا المعرض، من خلال الوثائق الأرشيفية والصور، صورة للمساعدة التي قدمتها زيارات الممرضين لمنازل المهاجرين في معالجة مشكلات الوفيات في الأطفال والأمراض المعدية التي أدى إليها التكدس الكبير في أحياء المهاجرين والأجور المنخفضة التي كانت تنتظرهم. والقصة لم تكن دوما لطيفة. فقد ساد التحيز الشديد مما أذكى الأساطير والقوانين التي رسمت صورة نمطية سلبية عن الوافدين الجدد باعتبارهم قذرين أو حاملين للعدوى. 
وعلى سبيل المثال، أُجبر الصينيون قسرا، في سان فرانسيسكو وهونولولو، على الإقامة في حجر صحي واُستهدفوا تحديداً باعتبارهم حاملين محتملين للطاعون النزفي. وأثناء طاعون عام 1900 في هونولولو، مضت السلطات خطوة أخرى، فأشعلت النيران في مباني حي إقامة الصينيين المزدحم في المدينة. وخرجت النيران عن السيطرة وأتت على أكثر من أربعة آلاف منزل لتقضي على معظم الحي وتفاقم من فقر الجالية الصينية الفقيرة أصلا. وبعد أكثر من قرن من النشاط الحقوقي، ساعدت جماعات الدفاع عن حقوق المهاجرين في ضمان الحصول على الرعاية الصحية بلغات متعددة. 
لكن المهاجرين مازالوا يواجهون التمييز والعراقيل على أساس الصور النمطية السلبية عنهم في الحصول على الرعاية الصحية. ومعرض «الخارج/الداخل» يشرح لنا الأسباب ويوثق لنا بصورة واضحة الطريقة التي يمكن أن تصبح بها الصحة ذريعة للتمييز.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»