أكدت الزيارة التي قام بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في الأيام القليلة الماضية إلى القاهرة، ولقاؤه الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن جذور العلاقات المصرية - الإماراتية قوية وراسخة، وتتجاوز مراحل العلاقات الدبلوماسية بين الدول، لتصل إلى علاقات الأخوة الحقيقية، والشراكات العضوية في أزمنة صعبة، يمر بها العالم كله من ناحية، وتمور بها منطقة الشرق الأوسط من جهة ثانية.
قبل أكثر من نصف قرن، أرسى زايد الخير، الأب المؤسس، رحمه الله، وطيب ثراه، علاقة الإمارات مع مصر، وصيحته الشهيرة غداة حرب أكتوبر 1973:«النفط العربي ليس أغلى من الدم العربي»، حاضرة في الأذهان، كما لن ينسى المصريون مواقفه لدعم العمل الحربي في أوج المواجهة.
حمل المصريون في قلوبهم وعقولهم الود الكبير والواسع للشيخ زايد، ولهذا سارعوا إلى دعم القوات المسلحة الإماراتية، في زمن احتلال الكويت، تحسباً لأي عمل أخرق يمكن أن يلحق الأذى بالأشقاء في الإمارات.
واليوم تتسارع التطورات على صُعُد متعددة، ما يقتضي التشاور المستمر والتعاون المستقر بين أبوظبي والقاهرة، وهذا ما أشار إليه الرئيس السيسي، حين أكد أن مصر حريصة على الاستمرار في تعزيز التعاون الثنائي مع الإمارات في مختلف المجالات، وتكثيف وتيرة انعقاد اللقاءات الثنائية بين كبار المسؤولين من البلدين بصورة دورية.
في تصريحاته بعد حفل الإفطار الرمضاني الذي أقيم على شرفه، كان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد يؤكد رؤية الإمارات الثابتة منذ عقود طوال تجاه مصر، فيصف دورها بالمحوري والراسخ كركيزة أساسية للأمن والاستقرار في المنطقة، ناهيك عن إشادته بالتطور الكبير والنوعي الذي شهدته العلاقات المصرية – الإماراتية وغيرها، والنمو الملحوظ في معدل التبادل التجاري وحجم الاستثمارات.
ولعل الناظر إلى التحركات الجيوسياسية والصراعات التي تمور بها المنطقة، الظاهر منها والخفي، يجعل من تقوية أواصر المودات، وتمتين جسور العلاقات بين البلدين، أمراً واجب الوجود كما تقول جماعة الفلاسفة.
أنفع وأرفع ما في العلاقات بين القاهرة وأبوظبي، هو أنها علاقات عقلانية، يسودها الإحترام المتبادل، ولهذا ترتفع مداميكها يوماً تلو الآخر، وبالتعاون في الملفات المفتوحة في المنطقة، والمطروحة على ساحة النقاش، تتبلور في الآفاق مسارات ومساقات للعمل العربي والإسلامي المشترك، بهدف تعزيز القدرات العربية على مواجهة التحديات التي تواجه المنطقة والتهديدات المتزايدة للأمن الإقليمي.
استشراف مآلات العلاقات الثنائية بين البلدين، يبشر بنتائج تنعكس برداً وسلاماً على الإماراتيين والمصريين في الحال والاستقبال.
* كاتب مصري