الإمارات ليست مركزاً عالمياً للتجارة والمالية والنقل والسياحة والثقافة فحسب، وإنما هي من أكثر الدول إبداعاً في العالم بما يجعلها «حاضنة الابتكار» و«ساحة الاختبار للابتكار» على المستوى العالمي. وبفضل التخطيط الدقيق وقيادتها الحكيمة، قامت الإمارات بترسيخ روح الريادة على مدى السنوات الـ 50 الماضية، سائرة على درب ابتكار يتناسب مع ظروفها الوطنية. ولطالما تتبوأ الإمارات مراكز متقدمة في العالم بمؤشرات الابتكار في شتى المجالات، وتقدم نموذجاً يحتذى به للاقتصادات الناشئة من حيث الممارسات المبتكرة. 
في القطاع الحكومي، تعمل الإمارات بنشاط على تعزيز الابتكار المؤسسي. وبادرت إلى إنشاء وزارة التسامح والتعايش ووزارة شؤون مجلس الوزراء والمستقبل ووزارة الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى وزارة «اللامستحيل» التي تعد جهة حكومية افتراضية تشكل الوزارات المعنية فريقاً مشتركاً فيها، لإيجاد حلول للمشاكل الحكومية الشائكة. أما وزارة الخارجية والتعاون الدولي التي دائماً ما تعاملتُ معها، فسبقت غيرها في العالم في الابتكار المؤسسي للمنظومة الدبلوماسية حيث يتضمن 5 أعضاء في مجلس الوزراء، ألا وهم: سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، ومعالي الشيخ شخبوط بن نهيان بن مبارك آل نهيان وزير الدولة ومعالي ريم الهاشمي وزيرة الدولة لشؤون التعاون الدولي ومعالي أحمد الصايغ وزير الدولة ومعالي خليفة شاهين المرر وزير الدولة. كما تسعى الإمارات إلى إنشاء حكومة ذكية وفعالة وموجهة نحو الخدمات باستخدام أحدث المفاهيم والتقنيات، بحيث أطلقت «برنامج المسرعات الحكومية»، ودعت أفضل الشركات المبتكرة العالمية لتخصيص البرامج للهيئات الحكومية، ومن شأنه زيادة رضا عامة الشعب عن الخدمات الحكومية لأقصى درجة ممكنة. علاوة على ذلك، بادرت الإمارات إلى إطلاق الأسماء على أعوامها، فمن عام الابتكار إلى عام القراءة وعام الخير وعام زايد وعام التسامح وعام الاستعداد للخمسين وعام الخمسين، تحمل في طياتها أهدافاً محددة ومغزى خاصاً. 
في القطاع الاقتصادي، تقوم الإمارات باستمرار بتطبيق استراتيجية التنويع بشكل معمق من خلال تسجيل «الأول في العالم» و«الأفضل في العالم». تجاوزت الإمارات خيال العالم بأول فندق بتصنيف 7 نجوم و8 نجوم وأعلى مبنى وأكبر ميناء اصطناعي وجزيرة اصطناعية ومركز تسوق ومنتجع تزلج داخلي ومنتزه ترفيهي داخلي، وأكبر محطة للطاقة الشمسية والكهروضوئية في العالم، هدفا إلى دعم نمو الاقتصاد المعرفي وثقافة السياحية المحلية. وبالتزامن مع ذلك، دأبت الإمارات على تبني تدابير إصلاحية لتوسيع الانفتاح واستقطاب المواهب لممارسة الأعمال والاستثمار فيها، من خلال إزالة القيود المفروضة على الملكية الأجنبية في القطاعات المعينة، ومنح الإقامة الذهبية لمدة 10 سنوات، وإطلاق برنامج «البطاقة الذهبية» للإقامة الدائمة، والذي يعد الأول من نوعه في دول الخليج، واتباع سياسة التجنيس والاعتراف بالـ«الجنسية المزدوجة». وعليه، تصدرت الإمارات دول الشرق الأوسط في بيئة الأعمال لثماني سنوات متتالية، والتي تحسنت عاماً بعد عام.
في قطاع العلوم والتعليم، تسعى الإمارات إلى لعب الدور الريادي في ميدان التكنولوجيا في المستقبل. تركّز على الثورة الصناعية الرابعة لتطوير التقنيات المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي و«سلسلة الكتل» والواقع الافتراضي والطباعة ثلاثية الأبعاد والروبوتات واستكشاف الفضاء، بحيث أنشأت جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي التي تعتبر أول جامعة على مستوى العالم للدراسات العليا المتخصصة ببحوث الذكاء الاصطناعي، ومعهد التأسيسي للذكاء الاصطناعي، عازمة على بناء أفضل مؤسسة عالمية لبحوث الذكاء الاصطناعي. في السنوات الأخيرة، خطت الإمارات خطوات واثقة في استكشاف الفضاء، حيث تم إطلاق «خليفة سات» أول قمر صناعي تم تطويره بأيدي الإماراتيين في عام 2018، وإرسال هزاع المنصوري أول رائد فضاء إماراتي إلى محطة الفضاء الدولية في عام 2019، وإطلاق «مسبار الأمل» بنجاح لاستكشاف المريخ عام 2020 والذي قد دخل مدار المريخ في أوائل هذا العام. كما باتت الإمارات قاب قوسين من إطلاق المركبة القمرية «راشد» عام 2022. ومن ثم تبهر الإمارات العالم بحجم الاستثمار وروح المغامرة ونتائج الابتكار وإمكانياتها الضخمة في استكشاف الفضاء. 
وبدوره، إن الصين بكونها قوة كبرى في الابتكار، تتخذها المحرك الأول للتنمية، حيث تتبع جميع الشرائح والأوساط فيها مفهوم التنمية المدفوعة بالابتكار، ولقيت ريادة الأعمال والابتكار إقبالاً كبيراً، وشهدت الطاقة الحركية الجديدة والصناعات الجديدة نمواً متزايداً، بما يمكّن الصين من احتلال المكانة الرائدة في الابتكار العالمي. إذ إن ثمة توافقاً بين قيادتي البلدين في تعزيز التعاون في مجال الابتكار والتكنولوجيا، يتمتع البلدان بآفاق رحبة وإمكانيات كبيرة للتعاون الابتكاري في الحوكمة والتنمية والتكنولوجيا. في العام الماضي، سجلت المرحلة الأولى من التجارب السريرية الثالثة للقاح الصيني التي أطلقتها الصين والإمارات، أرقاما قياسية عدة عالميا، بما يشكل مثالاً ناجحاً على التعاون الثنائي في مجال الابتكار. 
في السياق ذاته، ستعقد الصين «منتدى بوجيان للابتكار»، المنتدى الدولي رفيع المستوى المعنون بالابتكار، بشكل حضوري وافتراضي في الفترة ما بين يومي 28 مايو إلى1 يونيو 2021م، حيث تدعو الإمارات لحضوره كدولة ضيف الشرف. هذا ولا يسهم في توسيع وتعميق تعاون البلدين في مجال الابتكار فحسب، بل يعد فرصة مهمة لتحفيز التعاون على صعيد الابتكار التكنولوجي. تحرص الصين على العمل مع الإمارات على توظيف الإمكانات المتاحة لتنفيذ التوافق المهم ونتائج الزيارات لقيادتي البلدين، وتعزيز تبادل الخبرات والأفراد في مجال الابتكار، والتركيز على التعاون في مجالات الذكاء الاصطناعي والجيل الخامس والفضاء، سعيا إلى جعل التعاون الابتكاري الذي نواته التكنولوجيا نقطة ساطعة ومكوّناً جديداً لعلاقات البلدين، بما يدشن صفحة جديدة للتنمية المدفوعة بالابتكار.

*السفير الصيني لدى دولة الإمارات العربية المتحدة.