جاء قرار الإدارة الأميركية الحالية بدعم اقتراح تقدمت به كل من الهند وجنوب أفريقيا لمنظمة التجارة العالمية، ومن خلفهم 60 دولة، بتعليق مؤقت لحقوق الملكية الفكرية الخاصة بالتطعيمات، التي تم تطويرها ضد فيروس كوفيد-19، ليعطي دفعة قوية للآمال المعلقة على زيادة الطاقة الإنتاجية العالمية لهذه التطعيمات، مما سيجعلها متوفرة على نطاق أوسع للدول التي تعاني نقصاً شديداً، أو لم تحصل ولو على جرعة واحدة حتى الآن.
ويأتي هذا القرار الأميركي في وقت انقسمت فيه دول العالم إلى فريقين؛ فريق مؤيد للاقتراح مثل الهند وجنوب أفريقيا وغالبية الدول النامية والفقيرة، بالإضافة إلى بعض الدول الصناعية الغنية، مثل فرنسا وإيطاليا وروسيا، ويعتزم الاتحاد الأوروبي مناقشة هذا الاقتراح عن قريب.
ويبني هذا الفريق موقفه من منطلق أن قوانين براءات الاختراع وحقوق الملكية الفكرية، تشكّل عائقاً أمام زيادة الطاقة الإنتاجية من التطعيمات، وغيرها من المنتجات الضرورية لمواجهة الوباء الحالي. ويحذر أعضاء هذا الفريق من أن ترك الفيروس ينتشر في الدول الفقيرة والنامية، سينتج عنه نسخ متحورة، قد تصبح التطعيمات المتوفرة حالياً غير فعالة في مجابهتها، ليرتد الأمر على شعوب الدول التي تعارض هذا الاقتراح حالياً.
الفريق الآخر المعارض لهذا الاقتراح، تتزعمه في الأساس شركات الأدوية العملاقة، بالإضافة إلى ألمانيا، والتي تمتلك صناعة دوائية ضخمة، وبريطانيا، وبعض دول الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.
ويدعي هذا الفريق أن التحدي الأكبر هو فهم عملية الإنتاج وإداراتها بشكل سليم، ولذا في ظل غياب هذه المعرفة ستصبح العملية أقل كفاءة، وقد تؤدي إلى مشاكل في الجودة والرداءة في النوعية. كما يزعم هذا الفريق أن المشكلة الحقيقية التي تواجه مصنعي التطعيمات، هو نقص المواد الأولية، وندرة الخبرة الفنية، وليس حقوق الملكية الفكرية.
وفي الآونة الأخيرة ظهر اتجاه ثالث، تتزعمه بريطانيا بالتحديد، يفضل منح تراخيص من الشركات متعددة الجنسيات لمصانع التطعيمات في دول العالم الثالث، على أن تشرف هذه الشركات على عملية الإنتاج، وضمان مستوى الجودة، وتوفير المعرفة الفنية الضرورية، مقابل مبالغ مالية، تصب في العوائد المالية للجهات التي قامت بداية باكتشاف وتطوير وإجراء الدراسات والتجارب على تلك التطعيمات حتى مرحلة الحصول على الترخيص بالاستخدام. 

 

* كاتب متخصص في الشؤون العلمية والطبية.