شرع عدد من الدول في تطعيم الأطفال بين سن الثانية عشر والخامسة عشر ضد فيروس «كوفيد-19»، مثل الولايات المتحدة والتي طعّمت بالفعل أكثر من 600 ألف من أفراد هذه الفئة العمرية، مع التوقع بالنزول بالأعمار المسموح بتطعيمها إلى أقل من ذلك بحلول العام القادم، بينما لا زالت بعض الدول الصناعية المتقدمة، مثل بريطانيا، لم تصل بعد إلى قرار في هذا الشأن.
ومنذ البدء في تطعيم الأطفال، أثير الكثير من النقاش حول هذا الموضوع، دار محوره حول الجوانب الأخلاقية لهذه الممارسة، كما ارتبط بأسئلة علمية عدة ما زالت بحاجة لإجابات واضحة. وربما كان من أهم هذه الأسئلة ما إذا كان تطعيم الأطفال سيحمي حياتهم وحياة الآخرين؟ هذا السؤال على بساطته، إجابته معقّدة لدرجة كبيرة، وتختلف من بلد لآخر. أما الجدل الأخلاقي فيتعلق بما إذا كانت الجرعات التي ستمنح للأطفال، يمكنها حماية حياة أعداد أكبر، إذا ما منحت للعاملين في قطاع الرعاية الصحية، وللأشخاص الأكثر عرضةً لمضاعفات المرض، في الدول الفقيرة التي لم يحصل بعضها على أي جرعات.
ويدعم هذا النقاش، أو بالأحرى موقف المعارضين لتطعيم الأطفال، حقيقة أنهم لا يجنون استفادة تذكر من هذه التطعيمات، بناءً على أنه نادراً جداً ما يصابون بالمضاعفات الخطيرة للمرض. حيث غالباً ما تصاحب حالات الإصابة بين الأطفال بأعراض بسيطة، أو تكون من دون أعراض أساساً. وبناء على دراسة شملت سبع دول، يتوفى طفلان فقط من بين كل مليون طفل يصاب بالمرض، بمعنى أن تطعيم خمسة ملايين طفل، سينقذ حياة أقل من عشرة منهم.
وعلى الجانب الآخر، يرى المؤيدون لتطعيم الأطفال، أنه حتى لو لم تنقذ التطعيمات حياة الكثيرين منهم، إلا أنها ستنقذ حياة الآخرين، من خلال المساهمة في الوصول بالمجتمع إلى حالة ما يعرف بـ«مناعة القطيع». وهو ما سيؤدي بالتبعية إلى حماية أفراد المجتمع الأكثر عرضةً للمضاعفات الخطيرة للمرض، مثل أفراد العائلة الكبار في السن، والمصابين بالأمراض المزمنة مثل السكري، وارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب والشرايين.
وبالنظر إلى هذين الموقفين، بالإضافة إلى اعتبارات أخرى، يتضح لماذا ليس من السهل الإجابة على سؤال: هل تطعيم الأطفال ضد فيروس «كوفيد-19» يشكل أفضل استراتيجية لإنقاذ أكبر عدد من الأرواح؟

*كاتب متخصص في القضايا الصحية والعلمية