جاء بيان مجموعة السبع الكبار الذي أصدره وزراء الخارجية، قبل بدء أعمال القمة يوم الجمعة إلى الأحد الماضيين، في منتجع كاربيس الساحلي غرب بريطانيا، في 12 ألف كلمة، وقادته جملتان توضحان هدف قمة السبع. الجملة الأولى: «ندرك أننا نجتمع في سياق استثنائي ومتغيّر بسرعة». أما الجملة الثانية فهي: «إننا نجتمع لتشكيل مستقبل أقل تلوثاً وأكثر حريةً وعدلاً وأماناً للكوكب». وخلافاً لما تبدو عليه الجملتان من قِصَر، فإنهما وفقاً للمحللين كبيرتان في الميزان على الأرض، لكن أين وقفت القمة من فحواهما؟ وهل ناقش المجتمعون آليات التنفيذ عملياً في المستقبل؟ 
المُخرجات الماثلة لا تقول بذلك، ومن جهة أخرى فقد تردد في بعض التقارير الإعلامية اعتقاد مفادهُ أن قمة السبع لم تسهم، كما توقع البعض، في وضع التوتر القائم في عدد من بقاع العالم، عند أقل مستوياته، لا سيما مع الصين وروسيا على وجه الخصوص، رغم أنه كان باستطاعة القمة تحقيق قدرٍ كبير من ذلك، ليبقى السؤال: لماذا لم تفعل القمة شيئاً على هذا الصعيد؟ وهل كانت هناك نيّة لجعل العالم «أقل تلوثاً وأكثر حريةً وعدلاً وأماناً»؟
المحللون للكلمات والتصريحات، سواء في المؤتمرات الصحفيّة أو الأحاديث الجانبية في كواليس المنتجع، والمتابعون لما كتبه بعض قادة السبع في الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي، ألتقطوا جملتين وردتا في مقال للرئيس الأميركي جو بايدن نشر في الـ«واشنطن بوست»، كان من شأنهما ضبط أجندة القمة لتأتي نتائجها خلافاً لما ذهبت إليه التوقعات، فما تلك الجملتان؟ الأولى: «إن الولايات المتحدة يجب أن تقود العالم من موقع قوة»، والثانية: «مواجهة الأنشطة الضارة لحكومتي الصين وروسيا»، وهاتان الجملتان أوصلتا بوضوح رغبة أميركا لبقية الأعضاء في المجموعة، بضرورة تشكيل «جبهة مواجهة» يشارك فيها الجميع.
كثيرون شككوا في نجاح مثل هذه «الجبهة» لما يكتنفها من صعوبات بالغة، بسبب تشابك المصالح التجارية والمشروعات الضخمة بين الصين وروسيا من جهة، ودول أوروبا (وأبرزها ألمانيا) من جهة أخرى.
إن الحديث عن «جبهة» مواجهة مع دول بعينها، أضر بالمبادرة الأميركية التي أطلقها الرئيس بايدن في القمة، بتخصيص ميزانية ملياريّة للبلدان النامية، وذهب بلمعانها، ليتّضح الدور الذي سوف تلعبه، وهو على الأرجح مختلفاً عمّا لعبه مشروع مارشال الأميركي لدول أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، بل ذهب بعض المحللين إلى أنه قد يكون خطة لمواجهة «الحزام والطريق» الصيني.


*إعلامي وكاتب صحفي